Site icon IMLebanon

حوار أجيال «الكتائب» بين «المخضرَم» و «الفتيّ»

أبعَد من انتخابات رئاسة الكتائب التي يَشهدها الحزب يوم الأحد المقبل، مع نتيجةٍ تبدو شِبه محسومة لمصلحة النائب سامي الجميّل، تُطرَح قضية حوار الأجيال الكتائبية واندماج الشباب مع الجيل المؤسّس، وعلى رأسِهم الكتائبيّ العَتيق والمخضرَم جوزف أبو خليل ورفاقه.

أعادَ ترشيح أبو خليل (عمّو) إلى مركز نائب رئيس حزب الكتائب، إلى الواجهة، مسألةَ التعايش بين الأجيال الكتائبيّة، خصوصاً أنّ الكتائب استطاعت أن تفرزَ وجوهاً جديدة برزَت على المسرح السياسيّ، على رغم ما عاناه الحزب من اغتيالات ونكسات وانشقاقات، ومِن أبرز هذه الوجوه عضو المكتب السياسيّ ألبير كوستنيان.

بين أبو خليل، الثمانيني المخضرم، وكوستنيان الثلاثيني الفتيّ، فرقٌ شاسع في العمر والخِبرة والتجربة السياسيّة. فأبو خليل لا يحتاج إلى المناصب لكي يمارس دورَه في الكتائب ومع عائلة الجميّل، وهو الذي يُعتبَر الأمين على الإثنين معاً وحافظ أسرارهما، خصوصاً أنّه عايشَ مرحلة انطلاقة الحزب ودورَه في الاستقلال، من ثمّ في ثورة 1958 حين وقفَ إلى جانب الشرعيّة ورئاسة الجمهورية، وفي المرحلة الشهابية، والحرب الأهلية، وما بعد اتّفاق «الطائف»، وزمن الفرقة، والوحدة الكتائبية مجدّداً بعد ثورة الأرز في 14 آذار 2005.

كلّ هذه التجارب لم يَعِشها الجيل الحالي الذي ما زال طريَّ العود، لكنّنا لا نستطيع أن نغفلَ أنّه جيلٌ شاركَ في مقاومة الاحتلال السوري، وتحَدّى المحتلّ في زمن غياب القيادات المسيحيّة. وفي هذا السياق، كان كوستنيان من الوجوه الشبابية التي تظاهرَت ضدّ الاحتلال عندما كان رئيس الهيئة الطالبية في جامعة «هوفلان»، ومع سامي في حركة «لبناننا»، قبل أن ينتسبَ إلى الكتائب بعدما عاد سامي إلى صفوفها.

هذا الاندماج بين الجيلين ظهَر جليّاً بترجيح توَلّي سامي رئاسةَ الكتائب، على أن يكون أبو خليل نائبَه الأوّل، لكنّ المنطق يقول إنّ أبو خليل سيكون أكبرَ من المناصب، أيّ الداعم والناصح، وسيَضع خبرتَه في تصَرّف سامي، وسيكون أميناً على الحزب، وحارسَ الانتقال السَلِس للسلطة داخلَه، في وقتٍ يُنتظَر أن يكون كوستنيان ورفاقه الشباب، عصَب الحزب وواجهتَه، ومستقبله الموعود.

يتواضع أبو خليل عندما نسأله عن جيل الشباب الصاعد في الكتائب، وعلى رأسِهم كوستنيان، ويقول لـ«الجمهوريّة»: «أنا لا أنَظّر عليهم، بل نتحاور ونتناقش، وأنا أنزل إليهم وأشاركهم أفكارَهم، فهُم لهُم أفكار ومبادئ وطريقة عمل أحترمُها، وأشَجّعهم لكي يكونوا دائماً في الطليعة».

يتجدّد أبو خليل مع الزمن، ويؤكّد أنّه يحاول السيرَ مع تطلعات الشباب: «أحاول فهمَهم، وبالعكس أسأل عمّا يريدون، لأنّ العصر هو عصرُهم، ولا نستطيع التعامل مع شباب هذا الزمن، مثل الخمسينات والستّينات، بل أنا أستشيرهم في بعض المسائل وآخُذ في آرائهم».

يراهن أبو خليل على كوستنيان وأمثالِه من جيل الشباب، ويوضح أنّه «يجلس معهم وينصَحهم معتمداً على خبرته السياسيّة، لأنّ ما مرّ عليه لم يمرّ عليهم بعد»، مؤكّداً أنّهم يَسمعون نصائحَه بعد المناقشة.

يشير أبو خليل إلى نقطة مهمة لنجاح الكتائب، وهي «شجاعة الشباب ومِن ضِمنهم كوستنيان، وعدم خوفهم من المخاطرة، وهذه نقطة تُميّزهم، فلو لم يخاطر الإنسان لما صعَد الى القمر، بينما جيلنا الحالي يفكّر كثيراً، ولا يخاطر لأنّ المخاطرة من شيَم الشباب».

أمّا كوستنيان الذي مرّ على انتسابه 7 سنوات و11 شهراً، فسيُحرَم من الترشّح لعضوية المكتب السياسيّ في الدورة الأولى التي تفرض على المرشح بلوغَ الأعوام الثمانية، لكنّه سيترشّح في الدورة الثانية المخصّصة لانتخاب 6 أعضاء ممَّن لم يمرّ على انتسابهم 8 أعوام.

يَنظر كوستنيان إلى أبو خليل على أنّه مدرسة في النَهج والأخلاق السياسيّة، في زمنٍ باتَت فيه السياسة مصالحَ ومكاسب ماليّة. ويرفض عبر «الجمهوريّة» الحديثَ عن صراع أجيال داخل الكتائب، بل تكامُل واندماج لما فيه مصلحة الحزب.

تَدور نقاشات كثيرة بين كوستنيان وأبو خليل عن الوضع السياسيّ، ويَكشف كوستنيان أنّ «أشدَّها يتناول شكلَ النظام الحالي، فأنا مع اللامركزية الموسّعة والمناطقية، وبالطبع مع الميثاق مثل «عمّو» الذي تخَطّانا مراحلَ في هذا المجال».

يحاول كوستنيان قدرَ الإمكان الاستفادةَ من خبرة أبو خليل، «فهذه المدرسة خَرّجَت أجيالاً، وأيّ نقاش يفضي إلى نتائج جيّدة، فكيف الحال إذا كان مع من عايَشَ أهمَّ مراحل لبنان».

لا صراعَ ولا إلغاءَ بين أجيال الكتائب، بل يُحاول الجيل الشاب إثباتَ نفسِه أمام القيادة التاريخية، وكسبَ إعجابِها لتكونَ على السكّة الصحيحة وتحافظ على تاريخ الحزب ولبنان.

إلى الصندوق

ستَشهَد الكتائب منافسةً انتخابية على نائب الرئيس الأوّل والثاني، وأعضاء المكتب السياسي الذي ينتخب نائبَ الرئيس الثالث. ويَتنافس على مركز نائب الرئيس الأوّل، أبو خليل وطنوس قرداحي، وعلى نائب الرئيس الثاني: روكز زغيب وساسين ساسين وسليم الصايغ.

يبدأ المؤتمر العام للحزب غداً في فندق «لو رويال» – ضبيّه، وسيكون اليوم الأوّل سياسياً، أمّا السبت فسيُخصّص للشقّ التقني، على أن يتوّج الأحد بالانتخابات العامة التي ستَحصل في البيت المركزي في الصيفي، من التاسعة صباحاً إلى الرابعة بعد الظهر، على أن يحضرَ جميع مندوبي المناطق إلى الصيفي للإدلاء بأصواتهم.