ينطوي التدقيق الجنائي المالي على أهمية كبيرة، إذ يمكنه أن يسلّط الضوء على مكامن الفساد والسرقة والهدر في كل مؤسسات الجمهورية اللبنانية العظمى وصناديقها ومصالحها ووزاراتها، سواء بدأ من حسابات مصرف لبنان أو من ملفات إدارة المناقصات. ويقول الخبراء إن التدقيق قد يستغرق سنوات وسنوات ويستهلك ما تبقى من هذا القرن إن حزم “ألفاريز ومارسال” أمرهما، وقبضا دفعة على الحساب واتّكلا على الله وانطلقا. لتأخذ شركة التدقيق وقتها. لا شيء أمامنا ولا شيء وراءنا. الشغل خفيف. نقعد قرب نار جهنم نشوي بطاطا. نلعب طاولة زهر وننتظر نتائج التحقيق.
وما هو أهم بكثير من التدقيق الجنائي، التدقيق الجيني، وعلى أساسه يمكننا معرفة الحقيقة اللبنانية والعبور من العتمة إلى الوضوح، بخطى ثابتة.
أولاً: يتيح لنا التدقيق الجيني، معرفة من أي نوع من التماسيح يتحدّر بعض الممسكين بمقاليد السلطة المتهالكة وبمصيرنا وبحياتنا. وقد يتفاجأ المدققون والباحثون بحمل بعض من نعرفهم جينات ضباع.
ثانياً: إن التدقيق الجيني يقود إلى معرفة سلوكيات الببغاوات، ذكوراً وإناثاً وبين بين، وهي في الغالب موجودة كأعضاء المكاتب السياسية والهيئات التأسيسية والفصائل الإستشارية ونواب التبعية.
ثالثاً: يملك التدقيق الجيني خاصية اكتشاف أي قفا تصلح لأي كرسي وتتماهى معها، ما يساعد فخامة الرئيس ودولة الرئيس المكلف على اختيار الأنسب بين الشخصيات للتوزير، على أن يزوّد المدققون بـ”كولّونات” التوزيع الطائفي لحكومات من 18 وزيراً أو20 أو 24 أو30 أو32 فيزوّدون السلطات بثلاثة أقفية لكل كرسي للإختيار في ما بينها.
رابعاً: يستطيع التدقيق الجيني أن يميّز بين الحرامي بالسليقة، القادر على اشتمام رائحة الدولار أو الريال من مسافة 10 أميال وعلى لحس الدبس عن الطحينة وبين الحرامي الذي اكتسب فنون النهب تدرّجاً، مع تسلّقه السلّم الوظيفي.
خامساً: إن التدقيق الجيني يعطي اللبنانيين فكرة، عمّن بين مسؤوليهم الكبار سيحطم الرقم القياسي المسجّل باسم اليابانية “كاني تاناكا” (مواليد 2 كانون الثاني 1903)، إن لم تصدمه أو تهرسه سيارة رئيس المواكبة من دون قصد. هذا الأمر إن حصل فهو كفيل باغتراب نصف اللبنانيين.
سادساً: يحسم التدقيق الجيني مسألة هوية اللبنانيين الملتبسة، بين فرنسي من أصل فينيقي وإيراني من اصل يمني وأميركي من جذور أرمنية، وبعثي من أصول عثمانية ومصري من أصول فرعونية وإثيوبي من أصول… لبنانية.
سابعاً: يفرزالتدقيق الجيني اللبنانيين إلى فئات ثلاث: “بندوق” و”حربوق” و”مطروق”.