IMLebanon

جنيف 1 للحل في سوريا وليس بيان فيينا السعودية والمعارضة تدعمان العملية الانتقالية

شكل افتتاح المؤتمر الـ36 لمجلس التعاون الخليجي مناسبة للعاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز لإطلاق جملة مواقف في ما يتعلق بالازمات في بعض دول المنطقة، من بينها سوريا التي أكد ضرورة حلها سياسيا وفق مبادئ جنيف 1. الدلالات السياسية كبيرة في تأكيد مرجعية بيان جنيف 1 الذي شكل من حيث المبدأ المرجعية لبيان فيينا الذي اتفق عليه في منتصف الشهر الماضي. إلا أن الفارق الجوهري بين الاثنين، اي بين بيان جنيف 1 الذي صدر في حزيران 2012 وكانت الولايات المتحدة وروسيا ابرز اقطابه، وبيان فيينا الذي صدر في 14 تشرين الثاني جامعاً للمرة الاولى المملكة السعودية وايران الى طاولة واحدة حول سوريا، أن بيان جنيف يبرز اهمية المرحلة الانتقالية التي لم يأت بيان فيينا على ذكرها. والتجاذب او الصراع على اي من البيانين ينبغي ان يشكل مرجعية لحل قائم بقوة في الكواليس السياسية في مجلس الامن وفي التعامل الدولي مع ما يتم تداوله كإطار حل للحرب السورية. وقد تزامن التشديد على هذا الموقف الصريح والرفيع المستوى من المملكة السعودية، علما أنه سبق لوزير الخارجية السعودي أن أكد مرجعية جنيف 1 اكثر من مرة، مع تأمين الرياض انعقاد مؤتمر لافرقاء المعارضة السورية تحضيرا للحوار المزمع اطلاقه مطلع السنة الجارية بين المعارضة والنظام من اجل البحث في المرحلة المقبلة. فجمعت المعارضات وفق مختلف انتماءاتها، أكانت تلك التي تدعمها تركيا، وفي مقدمها قوى الائتلاف، أم تلك المدعومة من مصر والتي تضم المجموعات التي كانت تجتمع في القاهرة من دون “الاخوان المسلمين”، ام المعارضة المدعومة ايضا من روسيا، والتي تنضوي تحت سقف المعارضة المقبولة من النظام السوري، او فصائل المعارضة المدعومة من المملكة السعودية وقطر ودول خليجية أخرى. الا ان استمرار تأكيد الرياض مرجعية بيان جنيف 1، وهو موقف تلتقي فيه مبدئيا مع كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، من شأنه اعادة فتح باب التفاوض مع المملكة من أجل إقناعها بدعم بيان فيينا الذي تجرى اتصالات في مجلس الامن من اجل صدور بيان يدعمه بعدما كانت فشلت جهود ديبلوماسية لروسيا في هذا الاطار. لكن التطورات الدرامية التي حصلت بعمليات ارهابية تبنى تنظيم “الدولة الاسلامية” مسؤوليته عن حصولها قد تكون ساهمت في تليين بعض المواقف الغربية وجعلتها أكثر قربا من الموقف الروسي، خصوصا بالنسبة الى فرنسا. وليس واضحاً ما اذا كانت الدول الغربية الثلاث من الاعضاء الدائمين في مجلس الامن يمكن ان تعود لتتبنى بيانا داعما لفيينا في ضوء اصرار المملكة السعودية على بيان جنيف 1. ففي النهاية، تحتاج المواقف الغربية الى مواقف الدول العربية السنية والخليجية في الدرجة الاولى، والدول الاقليمية المعنية لا تزال تصر على عملية انتقالية تؤدي الى رحيل الاسد، ولو لم يعد يذكر ذلك كشرط علني. وتجدر الاشارة الى ان الموقف السعودي مؤثر ايضا في مواقف المعارضة التي جمعتها الرياض، فأبدت هذه استعدادها في ختام اجتماعاتها التي دامت يومين للدخول في مفاوضات مع النظام وفق ما تم الاتفاق عليه في فيينا، انما استنادا الى بيان جنيف 1، أي على أساس أن التفاوض هو من أجل عملية انتقالية في سوريا، علما أن مؤتمر الرياض لم يساهم في جمع المعترضين ومحاولة التوفيق بين رؤاهم للحل السوري، بل كان ايضا محددا في الوقت نفسه للجماعات المقبولة وتلك غير المقبولة. ويفترض بالاجتماعات التي ستنعقد قريبا من أجل البحث في المسألة السورية ان تجد نفسها امام عاملين بارزين تم حسمهما، هما ماهية الجماعات المقبولة وتلك الارهابية غير المقبولة والسقف الذي ترغب في أن تتفاوض في ظله المعارضة، موحدة مع النظام في المرحلة المقبلة، بحيث ان وحدتها، إذا صمدت وكانت قوية، من شأنها ان تحدد اطارا لمسار الامور لا يمكن الدول المنخرطة في الحرب السورية تجاهله .

وينقل ديبلوماسيون ان التباين، بل التجاذب حول ما اذا كان بيان جنيف 1 او بيان فيينا هو ما يفترض ان يظلل المفاوضات الدولية حول سوريا لا يزال قائما بقوة في ظل استمرار البحث في وضع الازمة على سكة الحل. وهذا التجاذب يعبر عن استمرار الانقسامات الدولية بحدة، ويبرز عدم الاتفاق بعد على الحل السياسي في سوريا، ولو تم وضع اطاره العام وبدأ العمل عليه، بدليل اهتمام الرياض بجمع أفرقاء المعارضة والسعي الى توحيد صفوفهم لكي يشكلوا محاوراً موحداً وصلباً في وجه النظام، بحيث يمكنهم أن يقدموا بديلا من بشار الاسد او ان تكون هذه المعارضة هي البديل. لكن الوجه الآخر لهذا التجاذب تتولاه روسيا من جهة وايران من جهة اخرى. وفيما تصر الاولى على ان يكون بيان فيينا وما يتصل بمواجهة الارهاب في سلم الاولويات، فإن ايران سارعت الى الاعلان ان المجموعات “الارهابية”، كما سمتها، والتي شاركت في اجتماعات الرياض، لن يسمح لها ان تشارك في القرارات المتعلقة بمصير سوريا في مرحلة شديدة الدلالة والتعبير، حيث لم يعد يعلن إلا عن مقتل الضباط الايرانيين في سوريا، من دون ان يشار الى مقتل ضباط سوريين برتب عالية كما في السابق. وهو أمر يؤشر برمزيته لتولي ايران الحرب على الجبهات التي يقتل فيها ضباطها، وسعيها الى ان يكون لها قرار في ما يتصل بالحل السوري في مواجهة القرار السعودي في هذا الشأن، في ظل تراجع مادي فعلي لجيش النظام.