تبدل المشهد اللبناني في جنيف بين الجلسة ما قبل الأخيرة لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة المتعلقة بسوريا في 13 تموز الماضي وبين جلسة الثلاثاء الفائت. في الجلسة الأولى، سطع نجم المستشار في بعثة لبنان في المجلس أحمد سويدان عندما رد على مندوب اسرائيل الذي وصف حزب الله بـ«منظمة إرهابية»، مفنداً جرائم العدو بحق لبنان وشعبه، ومؤكداً أن الحزب «وُلد من صلب النسيج السياسي والشعبي لمواجهة الإحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان». وأكد تمسك لبنان بشعار «جيش وشعب ومقاومة»، وبحقه في مقاومة الإحتلال.
في الجلسة الأخيرة، في 22 أيلول الجاري، اجتمع مندوبو بعثتي لبنان والعدو مجدداً تحت سقف المجلس في إطار الجلسات الخاصة بمناقشة تقارير «لجنة التحقيق الدولية في انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا». ولم تتوان مندوبة العدو عن إقحام الحزب في مداخلتها للتعليق على عمل اللجنة. وجاء في كلمتها أنه «بعد مرور عشر سنوات على اندلاع الحرب ندعو لجنة التحقيق الى الإضاءة على الرفض المستمر للنظام للمضي في حل سلمي للنزاع لمدة عقد من الزمن. النظام وشركاؤه إيران وحزب الله ينتهكون بشكل منظم جميع حقوق الشعب السوري بما فيها استخدام تكتيكات الحصار والتجويع ضدهم». وذكرت مندوبة العدو الحزب أيضاً في سياق دعوتها اللجنة إلى التنبه لـ «اشتراك إيران وحزب الله في الإنتهاكات المنظمة لحقوق الإنسان في سوريا وضرورة سوقهما للعدالة».
جهارة، حرضت اسرائيل على حزب الله مستغلة منبر حقوق الإنسان فماذا فعلت بعثة لبنان؟ في معلومات «الأخبار»، استخدم مندوب لبنان الدائم في المجلس سليم بدّورة صلاحياته برفض استخدام حق الرد بوجه بعثة اسرائيل بحسب ما يسمح نظام المجلس. صمت يناقض الدفاع الذي شنته البعثة متمثلة بسويدان في الجلسة الماضية. فما سبب التغيير؟. مصدر ديبلوماسي في وزارة الخارجية والمغتربين أكد لـ«الأخبار» أن بدورة لم يراجع قصر بسترس في قراره. إذ «كان الوقت ضيقاً لا يتجاوز النصف ساعة قبل انتهاء مهلة حق الرد. لم نعلم بما حصل إلا بعد انتهاء الجلسة. فيما برر بدورة موقفه بالنأي بالنفس عن الملف السوري». لكن هل تبرير بدّورة كاف وهو المحسوب على القوات اللبنانية ولا يخفي مناصرته لمواقفها؟. «سقطت سياسة النأي بالنفس من الإستراتيجية العامة للدولة. وإن كانت لا تزال سارية، لا يمكن تجاهل إقحام حزب لبناني غير مدرج على لوائح الأمم المتحدة كمنظمة إرهابية. وكان من الأولى بأن يبادر مندوب لبنان إلى التنديد بالانتهاك المستمر للطيران الحربي الإسرائيلي للأجواء اللبنانية واستخدامها للإعتداء على سوريا وشعبها التي يتبجح المندوب الإسرائيلي بالدفاع عن حقوقه»، بحسب مصدر مسؤول في مديرية المغتربين.
قد يفسر الصمت اللبناني من قبل الدوائر الأممية المعنية والدول المؤثرة على أنه ضوء أخضر رسمي لمساءلة الحزب في ذروة الحصار السياسي والإقتصادي الذي تتعرض له المقاومة. لكن الأخطر التمادي في الصمت تجاه عمل اللجنة التي تشكلت في حزيران الماضي. إذ يتزامن عملها مع انطلاق حملة ديبلوماسية في آذار الماضي لإحالة الإنتهاكات المزعومة إلى المحكمة الجنائية الدولية بالتزامن مع قرار دول اوروبية بملاحقة قيادات تابعة للنظام السوري. فهل يجر لبنان إلى محكمة دولية أخرى؟.
تساؤلات عدة تحوم حول أداء البعثة اللبنانية في مجلس حقوق الإنسان في ما يخص العدو. قبل جلسة الثلاثاء، عقدت جلسة عن الإختفاء القسري، تحدث خلالها المندوب الإيراني الذي ضمّن كلمته قضية اختطاف الديبلوماسيين الإيرانيين الأربعة في بيروت عام 1982. وفق مصدر مطلع، أوصى بدّورة أعضاء البعثة اللبنانية بـ«عدم التعليق على الخطاب الإيراني ودعمه».