Site icon IMLebanon

جنيف: الأسد يخسر في السلم وفي الحرب

من حقيبة النهار الديبلوماسية

“العملية التفاوضية الجديدة لحل الأزمة السورية التي يرعاها المبعوث الأممي ستافان دو ميستورا في جنيف وتشرف عليها الدول المؤثّرة تتحكّم في أعمالها وتوجّهاتها حقيقتان أساسيّتان هما: الأولى أنه ليس ممكناً وقف الحرب وتحقيق السلام في سوريا عن طريق التعاون مع نظام الرئيس بشار الأسد بل إن من الضروري والحيوي اشراك المعارضة المعتدلة في الجهود الديبلوماسية لأنها الطرف الأساسي الذي يمثل الشعب المحتج. والحقيقة الثانية أن نظام الأسد في مأزق على رغم الدعم الروسي – الإيراني الكبير له، إذ انه سيخسر في السلم وفي حال انخراطه جدّياً في العملية التفاوضية والموافقة على تنفيذ متطلّباتها، وسيخسر في الحرب في حال انقلابه على العملية التفاوضية ومواصلته القتال”. هكذا اختصر مسؤول دولي معني مباشرة بملف الأزمة السورية الوضع، وقال: “بالنسبة إلى الحقيقة الأولى يظهر بوضوح أن السلام لن يتحقّق في سوريا في غياب المعارضة المعتدلة عن طاولة المفاوضات ومن غير منحها الدور الأساسي الذي تستحقه في عملية حل الأزمة، ذلك أن القرارات والتفاهمات الدولية تنص بوضوح على أن الحل السياسي الدائم للأزمة يتطلّب مفاوضات في إشراف دولي بين ممثلي النظام والمعارضة والوقائع تظهر أن نظام الأسد عاجز عن وقف الحرب التي فجّرها وعن حل الأزمة وأن الاكتفاء بالتعاون معه يطيل الحرب ويلحق المزيد من الكوارث بالبلد ويغذّي الارهاب. والمقصود بالمعارضة المعتدلة المشروعة هي تلك التي اجتمعت الغالبية العظمى من تنظيماتها وأحزابها وفصائلها وشخصياتها في الرياض في كانون الأول الماضي وشكلت هيئة عليا للمفاوضات برئاسة رياض حجاب ووفداً متكاملاً للتفاوض مع ممثلي النظام، واتّفقت على مشروع سياسي موحّد للمفاوضات. وقد حاولت القيادة الروسية إضعاف هذه المعارضة أو اختراقها إذ وضعت قائمة تضم 14 شخصاً موالين لها وطالبت بضمهم إلى وفد المعارضة الحقيقية أو تشكيل وفد مستقل منهم يتقاسم مع وفد الرياض وعلى قدم المساواة مهمّة التفاوض مع النظام. لكن هذه المحاولة الروسية فشلت، إذ ان دو ميستورا رفض اقتراح موسكو مدعوماً في ذلك من أميركا والدول الحليفة لها وأكد رسمياً أن المعارضة المنبثقة من اجتماعات الرياض هي الممثل الشرعي الحقيقي لقوى المعارضة وهي التي ستتفاوض وحدها مع وفد النظام. وفي المقابل دعا دو ميستورا معارضي موسكو الى جنيف بصفة شخصية على أساس أن يكونوا مستشارين له لكنهم لن يشاركوا في المفاوضات مع النظام”.

وأضاف المسؤول الدولي: “بالنسبة إلى الحقيقة الثانية فإن الأسد يجد نفسه أمام خيارين يؤدي كلاهما الى إنهاء حكمه. الخيار الأول أن ينخرط في العملية التفاوضية الجديدة مع المعارضة وينفذ المطالب الدولية استناداً إلى ما أكّده دو ميستورا خطياً ورسمياً وباقي الدول المعنيّة من أن المفاوضات ستجري على أساس تطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 2254 الذي ينص حرفياً على الآتي: “إن الوسيلة الوحيدة لإيجاد حل دائم للأزمة السورية هي عملية سياسية تهدف إلى التطبيق الكامل لبنود بيان جنيف المؤرخ 30 حزيران 2012 الذي تبنّاه قرار مجلس الأمن الرقم 2118، وخصوصاً تشكيل هيئة حكم انتقالي تمتلك السلطات التنفيذية الكاملة على أساس القبول المتبادل” بين النظام والمعارضة.

وينص بيان جنيف على ضرورة انتقال السلطة إلى نظام جديد تعددي ديموقراطي يحقّق التطلّعات المشروعة لكل مكوّنات الشعب السوري. الخيار الثاني هو ان يرفض الأسد أو يتهرّب من تنفيذ هذه المطالب الدولية فتتواصل حينذاك الحرب وتتلقّى قوى المعارضة المزيد من الدعم العسكري. وفي أي حال ستكون هذه الحرب عبثية وستلحق المزيد من الكوراث بسوريا ولن يستطيع الأسد الانتصار فيها لأن الانتصار الحقيقي ليس عسكريّاً بل يتطلّب امتلاك القدرة على حكم سوريا مجدداً وتوحيد شعبها واعادة بنائها وإيجاد الحلول لمشكلاتها الهائلة. والنظام المتمسك بالقوة وحدها والمعزول إقليمياً ودولياً على أوسع نطاق والمنهك إلى أقصى حد وفي كل المجالات عاجز عن تحقيق هذه الأهداف، الأمر الذي يعني أن تواصل الحرب سيقود في مرحلة ما إلى إنهاء حكم الأسد”. وخلص المسؤول الدولي إلى القول: “نظام الأسد خاسر في السلم وفي الحرب فلن تنقذه العمليات الحربية أياً يكن حجمها ولن تنقذه مفاوضات جنيف التي علّقها دو ميستورا إلى 25 شباط الجاري من أجل الإفساح في المجال لتدخّل دولي جدّي يصحّح مسارها”.