الجديد في الاجتماع الثالث للتفاوض السوري – السوري في آستانة الذي انعقد على مدى اليومين الأخيرين، هو مشاركة الأردن فيه، فضلاً عن رعاية كل من موسكو وطهران وأنقرة له.
وجاءت مشاركة الأردن بعد زيارة الملك عبدالله الثاني لروسيا قبل نحو عشرين يوماً، حيث إقتنع بالمشاركة لا سيّما وأن للأردن تأثير على مواقف فصائل المعارضة في الجنوب السوري.
هدف الاجتماع كان تثبيت وقف إطلاق النار، والتحضير في الوقت نفسه لمؤتمر جنيف للتفاوض، والذي سينعقد في العشرين من شباط الجاري.
ومؤتمر جنيف سيبحث العملية السياسية في سوريا. لكنّ هذه العملية، وفقاً لمصادر ديبلوماسية، طويلة الأمد لإحراز تقدّم فعلي، على الرغم من تطورات إيجابية تحصل في مجال وقف النار. والفضل الأول في وقف النار يعود إلى الدور الروسي بالتعاون مع تركيا وإيران. هذا الموقف مهم، لأنه يمهّد للبحث السياسي. لكن يبدو أن هناك وجوداً لخلافات في المصالح التكتيكية والستراتيجية في آن بين الرعاة الثلاثة، ما يؤدي إلى خلافات حول الطموحات والأهداف. الأمر الذي قد يعقّد البحث في العملية السياسية في جنيف. ثم هناك العامل الأميركي الذي يُعدّ أساسياً جداً في إنجاح التفاوض حول مستقبل سوريا. وليس واضحاً بعد بالنسبة إلى الروس، وإلى الأفرقاء الآخرين، فحوى المقاربة الأميركية للعملية السياسية في سوريا. وبالتالي تنعقد جنيف على وقع انتظار تبيان حقيقة الموقف الأميركي.
وتفيد المصادر، بأنه ليس لأحد أن يتوقع إنجاز الكثير في جنيف. لكن إنطلاقة هذه المباحثات تشكل تحدياً كبيراً، وخطوة إيجابية إلى الأمام. وتكشف المصادر، أن روسيا بدأت تجنح أكثر للعب دور الوسيط في الأزمة السورية، بعدما كانت في السابق دعمت صمود النظام. فهي ساعدت النظام إنما ليس للإبقاء على بشار الأسد رئيساً، بل لتنهي الأمور بعمليات سياسية تقود إلى إنتخابات يختار من خلالها الشعب السوري من سيحكمه. فهي ليست متمسكة بشخص معيّن. حتى أن المصادر ترى أن موسكو باتت أيضاً أقرب إلى المعارضة المسلّحة. وبالنسبة إليها، فإن كل ذلك يتم ضمن إطار حفظ مصالحها الستراتيجية. فهي أخيراً وقّعت مع النظام إتفاقية حول قاعدة حميميم، وحول توسيع قاعدة طرطوس. ليس لأحد إذاً أن يتوقع الكثير من جنيف. لكن انطلاقتها مهمة، ولا سيّما إذا ذهبت المعارضة بوفد موحد فتكون خطوة إيجابية.
التباين في وجهات النظر بين الرعاة الثلاثة، يظهر في العديد من المؤشرات. فإيران تريد أهدافاً إيديولوجية، وإقامة مناطق ذات سمة طائفية معينة. وهي وقّعت مع النظام إتفاقاً تأخذ بموجبه مع إيران عشرة آلاف هكتار من الأراضي، منها خمسة آلاف لإقامة مرفأ بترولي، وخمسة آلاف أخرى تُستخدم أراضي زراعية.
ومن الواضح أن إيران تحتاج هذه الأراضي لإقامة تجمعات سكانية شيعية. و روسيا تريد في سوريا نظاماً علمانياً. وإيران، وفقاً للمصادر تدّعي موافقتها على هكذا نظام، لكن في العمق تريد استمرار الأسد نفسه في السلطة.
لكن روسيا تقول إنه يجب على الشعب السوري اختيار رئيسه كذلك هناك اختلافات بين روسيا وتركيا. روسيا لا تنظر إلى الأكراد على أنهم ارهابيون، فيما تركيا تتهمهم بالإرهاب. كما ان محاولة تركيا إقامة المنطقة العازلة لا تلقى تأييد روسيا.
أيضاً هناك خلاف وتنافس تركي ـ إيراني على النفوذ في سوريا، إنه خلاف إيديولوجي وطائفي. فالنظام يعقد الإتفاقيات لأنه ضعيف والسلطة منهارة، ويدرك أن روسيا أولاً ثم إيران جعلتاه يقف على رجليه. وردّاً على الموقف الأميركي الذي يعتبر إيران داعمة للإرهاب، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنه ينظر إلى دور «حزب الله « في سوريا، بتقدير، على إعتبار أنه يأتي في اطار الدور الإيراني في مكافحة الإرهاب.
الولايات المتحدة شاركت في آستانة عبر سفيرها في كازاخستان. على الرغم من الإعتراض الإيراني على دعوة روسيا لها للمشاركة. وروسيا تعتبر أنه من دون مشاركة الاميركيين لا تنجح أي عملية سياسية في سوريا. والروس ينتظرون اتضاح خطة الأميركيين حول إنشاء مناطق آمنة من أجل إعطاء رأيهم بها.