كان من المستغرب ان يعلن سيرغي لافروف ان المفاوضات السورية التي توقفت في جنيف، ستُستأنف في العاشر من أيار، لأن الاعلان عن هذا الأمر هو من صلاحية الأمم المتحدة، وتحديداً على خلفية قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤!
اعلان لافروف دفع المراقبين الى التساؤل ما اذا كانت موسكو التي تتصرف كأنها تنوب عن الشعب السوري، الذي طالما قالت انه هو الذي يقرر مصيره ويختار مستقبله، باتت تنوب الآن عن الأمم المتحدة في تحديد مواعيد المفاوضات التي سبق لها ان أفرغتها من مضمونها، عندما لم تقنع النظام السوري بالالتزام الفعلي للهدنة المعلنة لا بل انضمّت اليه ودعمته في تصعيد العمليات العسكرية في حلب بذريعة لم تعد تقنع أحداً وهي انها تقاتل الارهابيين!
واذا كانت الأمم المتحدة لم تعلن أمس عن موعد استئناف مفاوضات تضييع الوقت، بعدما استمعت الى تقرير دو ميستورا، فكيف يحق لموسكو ان تحدد موعداً جديداً، وهو ما دفع جورج صبرا الى ان يعلن بأسم الهيئة العليا للمفاوضات التي تشكلت في الرياض انفاذاً لقرار مجلس الأمن ٢٢٥٤ ، ان الأمم المتحدة هي التي تحدد المواعيد والمعارضة لن تعود الى المفاوضات قبل تنفيذ مطالبها، التي اتّفق عليها سابقاً، وهي التزام النظام بالهدنة المعلنة ووقف النار واتّخاذ اجراءات حقيقية على الارض تكفل ايصال المساعدات الانسانية الى المحاصرين المعرضين لسياسة التجويع!
السؤال الأهم، ما قيمة مفاوضات المهزلة وتضييع الوقت التي يديرها دو ميستورا في جنيف بعدما تم خلط الأوراق بطريقة هدفها الغاء دور الهيئة العليا للمفاوضات، وذلك من خلال وجود ثلاثة أنواع من المعارضين، فهناك معارضة السوريين الذين اجتمعوا في موسكو، ومعارضة السوريين الذين اجتمعوا في القاهرة، ومعارضة الداخل التي دسها النظام على طريقة حصان طروادة!
لهذا لم يكن مستغرباً ان يعلن لافروف بعد انسحاب وفد الهيئة العليا للمفاوضات أن انسحابها من المفاوضات احتجاحاً على عدم وقف النار واستمرار المجازر التي يقترفها النظام في حلب ومحيطها، يشكّل خسارة للهيئة نفسها، ثم جاء تعليق دو ميستورا ليزيد الأمر سوءاً عندما قال، ان الانسحاب هو مجرد استعراض ديبلوماسي !
من الواضح جداً انها عملية شراء جديد للوقت للتعمية على قرار المضي في الحل العسكري الذي يتمسك به النظام وحلفاؤه الروس والايرانيون منذ البداية، ففي ٢٤ آذار سلّم دو ميستورا الوثيقة التي كان من المفترض على أساسها ان تُستأنف المفاوضات، وفي بنديها السادس والتاسع نص صريح عن الانتقال السياسي، لكنه مع بداية المفاوضات دعا الى بقاء الأسد بصلاحيات محدودة وهو ما رفضته المعارضة على أساس انه “لا يمكن مقايضة الشعب السوري مقابل بشار الأسد”!