Site icon IMLebanon

الجغرافيا… تظلم لبنان

كيف لهذا الوطن ان يرتاح وهو الغارق في ازماته الخارجية ومشاكله الداخلية منذ اعلان لبنان الكبير، حتى ايامنا هذه فهو ما ان خرج من معضلة رغبة فريق لبناني بالانضمام الى سوريا، حتى علق برغبة الانتداب الفرنسي «بفرنسة» لبنان على غرار ما حصل مع الجزائر، لكن كان للبنانيين مشيئة اخرى، وما ان نجحوا في انتزاع استقلالهم في العام 1943 حتى اجتاح حدودهم الجنوبية آلاف الفلسطينيين الهاربين من المجازر التي ارتكبها اليهود في العديد من القرى والبلدات في العام 1948 واللجوء الفلسطيني الموقت، وفق تصريحات الزعماء العرب يومها، تحوّل مع الايام والسنوات، الى قنبلة موقوتة انفجرت في العام 1975 وفجّرت معها لبنان، ما قد يعيد التاريخ نفسه مع النزوح السوري في العام 2011 اذا لم تبادر السلطات اللبنانية الى اخذ القرار الشجاع في هذا المجال.

طبعا مع مرور الزمن، حصل في منطقة الشرق الاوسط، العديد من التغيّرات السياسية مثل سقوط المكليات في مصر والعراق واليمن وليبيا وتونس وايران، وكان لسقوط الملكية في مصر وايران التأثير الكبير على لبنان، بسبب تعاطف السنّة مع زعيم الانقلاب في مصر جمال عبد الناصر، وتعاطف الشيعة لاحقا مع انتصار حركة الخميني على شاه ايران، فمع عبد الناصر بدأ الحراك الفلسطيني المسلّح في الاردن اولا ثم في لبنان، وكانت الحرب المدمّرة التي وقف فيها السنّي اللبناني والعربي مع المنظمات الفلسطينية المسلّحة، وفي منتصف الثمانينات بدأ التحرك الشيعي المسلّح مع قيام حركة امل وحزب الله، بديلا عن المقاومة الوطنية اليسارية ضد اسرائىل، وما زالت المعركة مستمرة.

هذه البانوراما لا تختصر بالطبع كل ما مرّ به لبنان ولكنها تسلط ضوءا على معاناة هذا الوطن، الذي يجد نفسه دائما في قلب المأساة، واخر فصولها هو الآتي:

مع قرب انتهاء الحرب في سوريا، بدأت اسرائىل مناورات واسعة تستمر 11 يوما، تختبر فيها قدراتها في مواجهة هجوم مفترض لحزب الله ضد اسرائىل، ما يؤشر الى عودة التوتر الى حدودنا الجنوبية مع اسرائىل مباشرة بعد انتهاء معركة تحرير الجرود اللبنانية الشرقية على يد الجيش اللبناني في الارض اللبنانية، وهذا امر مقلق في الشكل والمضمون، والمقلق ايضا تغريدة تامر السبهان وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج على تويتر، اعتبر فيها ان ما يرتكبه حزب الله ضد الامة سوف تنعكس اثاره على لبنان حتما، وعلى اللبنانيين ان يختاروا اين يكونوا، مع حزب الله او ضده، «لأن دماء العرب غالية» وكلنا يعرف ان الوزير السبهان يخيّر اللبنانيين بين امرين احلاهما مرّ وفي ذات الوقت ايضا، ينتظر لبنان عقوبات مالية واقتصادية وسياسية اميركية لا قدرة له على تحمّلها، وينقل الاعلام الغربي واللبناني ان واشنطن «مستاءة» من رئىس الحكومة سعد الحريري لتصريحه في باريس انه توافق مع رئىس الجمهورية العماد ميشال عون على خطة اجلاء عناصر «داعش» من الجرود اللبنانية وقد يزيد الطين بلّة، ما ينقل عن اوساط في قصر بعبدا، ان الرئيس عون سيشكل لجنة للاتصال بالنظام السوري لينسق معه موضوع اعادة النازحين الى بلادهم.

الجغرافيا ليست وحدها ضد لبنان، هناك مشاكل اخرى لا تقلّ سوءا عن الوضع الجغرافي.