عندما قرأت حديث الرئيس الأميركي السابق جورج بوش إلى صحيفة الـ“واشنطن بوست” بتاريخ ١٤-٨-٢٠١٦، لم أصدّق هذه الصراحة التي تحدّث بها الرئيس بوش، والتي شكّلت بالنسبة لي صدمة بالرغم من أن الحديث عن علاقات سريّة بين إيران وأميركا، قد تداولته صحف عديدة، خاصة ان العلاقات الممتازة بين أميركا ونظام آية الله الخميني كانت من الأمور المعروفة، لا سيما أن آية الله الخميني كان هارباً من إيران وخائفاً من نظام شاه إيران ومختبئاً في النجف الأشرف التي تقع على حافة الهضبة الغربية الصحراوية من العراق على بعد قليل غرب الفرات، جنوب غرب العاصمة بغداد.
نقل آية الله الخميني إلى باريس وسكن في منزل تملكه المخابرات الأميركية تمّ الكشف عنه في ما بعد.. بقية القصة صارت معروفة. كيف حضّرته المخابرات الأميركية وهيّأت أوضاعه، من توزيع “الكاسيت” والخطابات الرنانة حتى حانت العودة الى إيران بطائرة فرنسية.
وصل الى طهران، واستقبل كما يُستقبل الملوك وطرد شاه إيران.
أول عمل للخميني كان إقفال السفارة الإسرائيلية في طهران وفتح سفارة لفلسطين بدلاً منها.
العمل الثاني الذي قام به إطلاق شعار “الموت لأميركا والموت لإسرائيل”.
ثالث عمل قام به أنه أطلق على أميركا اسم “الشيطان الأكبر” وعلى إسرائيل لقب “الشيطان الأصغر”.
رابعاً: أنشأ فرقة أطلق عليها اسم “فيلق القدس”، وعيّن اللواء قاسم سليماني قائداً له وهو من الحرس الثوري. الذي انشئ بديلاً عن الجيش الإيراني لأنه لم يكن يثق بالجيش وكان يعتبره موالياً للشاه.
لذلك أعفى عدداً كبيراً من الجنرالات. وبات الحرس الثوري هو القوة العسكرية للثورة.
وأخيراً، حملوا علم فلسطين أو الأصحّ سرقوا العلم الفلسطيني وذهبوا يركضون في العالم العربي قائلين نريد تحرير القدس، على كل حال نترك للقارئ أن يطّلع على حديث الرئىس الأميركي بوش ليری فعلاً أكاذيب الادعاءات الإيرانية.
نص حديث الرئيس بوش:
لِمَ سلمتم العراق لإيران الفارسية بعد احتلاله، مع أنه عربي، ما أدى إلى هذه الفوضى والمآسي التي لن تنتهي إلا مع خروج إيران منه ومن سوريا؟
بوش: إيران قبلت التعاون مع أميركا وإسرائيل في شأن العراق، بينما العرب رفضوا ذلك.
– ولكن إيران على خلاف مع إسرائيل!
بوش: لا ليست على خلاف إلا بشأن المفاعلات النووية لصناعة القنبلة الذرية، كما أننا كأميركيين على خلاف معها أيضاً في هذا الشأن، رغم تعاونها معنا في كل الأمور، إذ إن الاتفاق المسبق معها كان بحضور إسرائيل قبل احتلال العراق، ولم يكن يتضمن صناعة القنبلة…
– ولكن وفق التصريحات الإيرانية هناك خلاف بين طهران وتل أبيب؟
بوش: ربما خلاف على طريقة العمل، أو ربما للاستهلاك الداخلي لكل منهما، إذ إن العلاقة بين إسرائيل وإيران أمتن مـن أن يتصوّرها أحد.. بل ربما أمتن من العلاقة بين أميركا وإسرائيل التي تعترض علينا في أمور كثيرة…
– وما هي هذه العلاقة؟!
بوش: كثيرة، ولكن سأعدّد أهمها، وهو التعاون بين الموساد وإيران على خلق مناخ ملائم للإرهاب في المنطقة، ومن ثم وهو الأهم حماية حدود إسرائيل ومستعمراتها من هجمات المقاومة الفلسطينية، كما حماية الجولان المحتل من هجمات الجيش الحر، وحماية الجولان هي التي سمحت لإيران، بعد الاستئذان، بإدخال قواتها وميليشياتها في لبنان وسوريا… ولولا الميليشيات الإيرانية في جنوب لبنان لكان وضع الأمن في شمال إسرائيل في فوضى. ثم إن العلاقة الأهم بينهما هو أنها تلبي مصالح إسرائيل في عرقلة قيام دولة فلسطينية إلا وفق النظرة الإسرائيلية، وليس وفق مطامح السلطة الفلسطينية.
– ولكن ما حاجة إيران لهذه العلاقة مع إسرائيل؟
بوش: إنها علاقة قديمة من خلال وسطاء ايرانيين مع إسرائيل ولولا هذه العلاقة لا أعتقد أن النظام الإيراني في هذا الجو العدائي الذي يثيره في محيطه كان قادراً على الاستمرار لولا الـدعـم الإسرائيلي له في الدوائر الغربية…
سؤال أخير: لِمَ أدخلتم إيران إلى سوريا رغم سلبيات ذلك في العراق؟!
بوش: لسنا الذين أدخلناها، بل إسرائيل فعلت ذلك بتفاهم مع الروس لتدمير قدرات الجيش السوري وتفتيته، ولنزع السلاح الكيماوي الذي كان يقلق إسرائيل، إذ إن الجيش السوري عربي النزعة لا يؤمن له… ولولا إيران لما استطاعت إسرائيل نزع السلاح الكيماوي الأخطر في المنطقة على سلامة إسرائيل لو أطيح بالنظام الحالي… أنهي وأقول لك إن وجود النظام الإيراني ساعد كثيراً على حفظ أمن إسرائيل بضرب الإرهاب الفلسطيني والعربي المحيط بها، ولربما كان وجودها في خطر أيضاً لولا إيران…