يصدف أحياناً أن أفرغ من مقال من دون أن أتمكن من إنهائه فعلياً، أعيد قراءة ما كتبته عن هذا السياسي المستجد أو ذاك النجم الوافد إلى السياسة من خلال شبكة علاقات عامة، وأجدني محتاراً: أأضع نقطة في نهاية السطر الأخير أو أنزِلها عن السطرعمداً؟ أمس تركت الزميل الكبير جورج قرداحي معانقاً سعادته وأحلامه، بعدما أطلق من مطار رفيق الحريري الدولي موقفاً غير موفّق أشبه بفرمان، على أن أعود إليه وإلى زملائه في وقت لاحق، وها إني عدت.
حوالى العاشرة من قبل ظهر أمس وصل رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري ونزل السيد الرئيس من جناحه وتوافد أعضاء الحكومة الجديدة مبتهجين. كل الوزراء وضعوا ربطات عنق باستثناء وزير محسوب على “حزب الله”. كل الوجوه مشعّة بالأمل. 13 أيلول يومٌ من العمر. سيأخذ الوزراء الجدد صورة تذكارية مع النجم المحبوب جورج قرداحي. صورة بمليون. لم يستطع المصوّر الرسمي لجم اندفاعة الوزراء. وجود جورج قرداحي بينهم أوجد طاقة إيجابية كشخصية شبابية ناجحة ومؤثرة وبعض الفوضى. وقف في الصف الأول إلى جانب رئيس السن عبدالله أبو حبيب ( 80 عاماً) ودوّن محضر الجلسة. وما يجعل الجدية المفتعلة مدعاة للإبتسام أن تشاهد وتسمع وزيراً يقرأ مقررات مجلس الوزراء بصوته العذب الأنيق وبلغته الواضحة ثم يقفز بعد دقيقة إلى الحديقة في دعاية بـ “ثبّت خطواتك”. ماذا لو كان العقد الإعلاني المبرم مع زميلنا القرداحي للظهور في دعاية مسحوق جلي لمدة سنتين؟ ينتهي العهد والقرداحي يحث السيدات من جهة على اعتماد المسحوق الجديد بدلاً من حث الرجال على الاستثمار مع CFI. في أي حال، المهم ألا يستلهم وزير الإعلام من تجارب زملائه في سوريا الأسد.
وصل معظم الوزراء إلى القصر ببدلاتهم الكحلية، وسياراتهم الفارهة باستثناء وزير الطاقة جيمس دين فيّاض فقد وصل إلى القصر الجمهوري بسيارة ميني كوبر برتقالية سبور. بعد جلسة مجلس الوزراء الأولى “عندو ضهرة” على ما يبدو. وفيّاض هو الوصي على إرث جبران ومنجزاته، وتتمة لأسلافه العِظام: القيصر وغجر والحسناء ندى.فمرحى به.
13 أيلول كان يوماً تاريخياً للوزراء الثلاثة والعشرين، ويوماً عصيباً للسوبر وزيرة زينة عكر. قبل 13 شهراً كانت في الصف الأول مع الوزراء الجدد. والبارحة نزلت إلى وزارة الخارجية لتمارس سلطتها الآفلة، وتقول الأخبار الواردة من قصر بسترس أن عتاعيتها خاضوا معركة ضد الأبواب الموصدة بوجهها، وحصلت مواجهة بين صاحبة المعالي “السمّاوية” وأمين عام الخارجية السفير هاني شميطلي خرجت بعدها دولة الرئيسة واجمة. أنا أؤمن بالتقمص. غادة عون تقمّصت في جسد زينة عكر.