معيار القوة والضعف هو مقياس نسبي للأفراد والجماعات، والقيادات الوطنية والمكونات السياسية، في أي مجتمع كان في العالم المتحضر. والواقع في لبنان لا يخرج عن هذه القاعدة. وقوة أي مكوّن سياسي في ذاته تكون في وحدته الداخلية وتماسك صفوفه وعلى رأسه قيادة رؤيوية ومحنكة، ولا بد لها أيضاً من أن تتمتع بشيء من الكاريسما والجاذبية الجماهيرية. وأن يكون المكوّن السياسي قوياً في ذاته هو أمر ضروري ولكنه ليس كافياً. ذلك أن المقياس الحقيقي هو أن يكون المكون السياسي فاعلاً في مجتمعه بالحوار والتفاعل مع المكوّنات السياسية الأخرى كشرط لتقدم المجتمع. وعندما يصاب مكوّن رئيسي بالضعف في مجتمع متعدد مثل المجتمع اللبناني، فسرعان ما يتحول ذلك الى ضعف وشلل في المجتمع ككل، حتى ولو كان فيه مكونات قوية. والأقوياء وحدهم هم القادرون على تقديم تنازلات متبادلة في المجتمعات المأزومة، وليس الضعفاء. ولذلك فإن من مصلحة الجميع أن تكون كل المكونات قوية، واذا ضعف مكون منها فمن الصالح العام مساندته حتى يقوى، على طريقة: أحب الأبناء هو المريض حتى يشفى…
***
قانون الانتخاب الحالي المعروف بقانون الدوحة أو بقانون الستين أطلق جرثومة سياسية في المجتمع اللبناني أصابته بالحمى والشلل في آن. ومن أعراضه أنه أوجد مكونات سياسية تتمتع بقوة وهمية اكبر من حقيقتها. كما اوجد مكوناة سياسية مصابة بضعف وهمي رغم قوتها! وأسوأ ما يمكن أن يحدث في أحد المكونات القوية هو أن تصاب قيادته بالضعف اذ سرعان ما يصاب الطامعون بحمى السباق على توارث الزعامة وصاحبها لا يزال حياً يرزق! وقد يكون من مظاهر قوة لبنان في هذه المرحلة أنه لا يزال يتمتع بنوع من الهدوء النسبي في بيئة عربية تأكلها النيران والحرائق… ولكن هذه القوة تكون وهمية اذا لم يتمكن لبنان من تجاوز المرحلة من وضع الهدوء النسبي الى الاستقرار الدائم. والطريق الى ذلك انتخابات عامة جديدة علي أساس قانون النسبية. ومن فضائله أن الكتل النيابية التي قد تخسر بعضاً من أعضائها، فإنها ستعوضه عن طريق التحالف مع القوى الجديدة التي ستصل الى البرلمان الجديد، وهذا صحيح على ضفتي السياسة في لبنان…