IMLebanon

الألمان طرحوا مشروعهم ومشوا… هل تكون العقوبات “جماعية”؟

 

لا يزال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ينتظر صحوة ضمير لبنانية تساعد على تأليف حكومة إختصاصيين مستقلّة، في حين أن العوائق الداخلية تزداد بفعل ممارسات الأكثرية الحاكمة.

 

تحاول فرنسا أن تمنح لتحركاتها شرعية أوروبية لأنها تعتبر أن حراكها في لبنان لا يصبّ في مصلحتها فقط بل هو لمصلحة “القارة العجوز” بأكملها، لذلك فإن الفشل سينعكس على الجميع ولن يطال ماكرون وحده والذي يواجه العام المقبل إستحقاق إنتخابات رئاسة الجمهورية الفرنسية.

 

ومن جهتهم، يقف الألمان في خطّ الدعم والمدّ لماكرون، وما تحرّك الوفد الألماني الأسبوع الماضي ورغبته في إعادة إعمار مرفأ بيروت والمحيط بطرق حديثة ومتطورة، إلا دليل على أن أوروبا لن تترك لبنان وهي مستعدّة لفعل كل شيء من أجل إنقاذه.

 

وفي السياق، تشير مصادر دبلوماسية إلى أن الخطوة الألمانية مدروسة من الناحية الإقتصادية بدقّة، أما سياسياً فإن الألمان يربطون أي خطوة كبيرة من هذا النوع بضرورة تأليف حكومة وإجراء الإصلاحات الضرورية اللازمة.

 

وفي حين يتساءل البعض عن سبب ربط الألمان هكذا استثمار ضخم بالحكومة والإصلاحات، فإن الجواب الألماني واضح وهو أن مرحلة منح لبنان شيكات على بياض إنتهت إلى غير رجعة، وأي مساعدة ستكون مشروطة، والشركات الألمانية الراغبة في تقديم العون لا تبذّر أموالها، لذلك لن تستثمر أي دولار واحد في بلد يعيش أزمةً سياسية ولا يستطيع تأليف حكومة وينخر الفساد كل مؤسساته، فإذا أقدمت الشركات على دفع الأموال في ظروف غير ملائمة فإنها بذلك تكون قد رمت تلك الأموال في البحر.

 

ويتذكّر الجميع كيف أن الألمان كانوا السبّاقين في التحرّك عبر الإتحاد الأوروبي أثناء حدوث الإنهيار الإقتصادي الكبير في اليونان وقبرص، لكن الجميع يعلم أن لبنان ليس مثل اليونان وقبرص، أي إنه ليس عضواً في الإتحاد الأوروبي، لذلك لماذا ستساعده برلين؟

 

من هنا تجيب المصادر الدبلوماسية عن هذا الموضوع، وتقول: “صحيح أن لبنان يقع في آسيا، لكنّه أقرب إلى أوروبا منه إلى الصين، وهو من بلدان حوض شرق المتوسّط، وبالتالي فإن أي انفجار سيحصل، ستطال شظاياه كل أوروبا من دون استثناء”.

 

ومن جهة ثانية، فإن باريس تعطي لبنان أولوية كبرى وتضعه على طاولة أي تحرّك أوروبي، حتى ذهب بعض ساسة أوروبا إلى القول إن ماكرون يعطي بيروت أهمية أكثر من أي عاصمة أوروبية أخرى، لذلك فإن الإتحاد الأوروبي معنيّ بالملف اللبناني مثل أي ملف آخر يطال “القارة العجوز”.

 

وأمام كل هذه العوامل، ستشهد أوروبا مزيداً من النقاش للملف اللبناني، وهنا يدخل عامل العقوبات كورقة ضغط إضافية تُمارس على السلطة السياسية المعرقلة. ولم يعد خافياً على أحد أن باريس تُفضّل أن تكون العقوبات جماعية، أي من الإتحاد الأوروبي، لا أن توضع هي وحيدةً في “بوز المدفع” وتقطع علاقتها مع أطراف لبنانية عدّة.

 

وبانتظار ما سيحل في ملف العقوبات، تبقى أوروبا على موقفها الداعم لحكومة إختصاصيين مستقلّة وتطالبها بإجراء الإصلاحات الضرورية، وسط التحذيرات من أن الإنفجار الإجتماعي الكبير في لبنان يقترب ولن يرحم أحداً.