Site icon IMLebanon

ألمانيا متشبثة برئيس ماروني.. وبصيغة الطائف

برلين تستقبل شهرياً 5 آلاف نازح سوري غير شرعي

يغادر السفير الألماني الحالي في لبنان كريستيان كلاجس منصبه في الشهر المقبل ليحل مكانه سفير جديد هو مارتن هوث، ولعل ميزة السفير المغادر أنه لطالما اعتمد الديبلوماسية الصامتة، على شاكلة معظم من سبقوه من سفراء ألمان خدموا في بيروت، وهو أسلوب يختلف تماما عن باقي السفراء الأوروبيين.

وسيجد السفير هوث ملفين أساسيين في انتظاره لبنانياً هما الشغور الرئاسي وقضية النزوح السوري.

واللافت للانتباه في الآونة الأخيرة الاهتمام العميق لألمانيا بمسألة مسيحيي الشرق، وخصوصا موارنة لبنان، وصلات التعاون والتنسيق التي تقيمها برلين مع الفاتيكان في هذا الخصوص.

وإذا كانت أوضاع المسيحيين في سوريا والعراق مأساوية بسبب الهجرة الكبيرة لهؤلاء، فإنّ ألمانيا تعوّل على نهضة مسيحية مشرقية من خلال المسيحيين اللبنانيين، وهذا ما يتبدّى جليّا من خلال أوساط ديبلوماسيّة ألمانية.

لا يلقي الألمان اللائمة في موضوع شغور الموقع الرئاسي الأول على تعثّر الاتفاق بين القادة الموارنة، بل يقرأون هذا الشغور في ضوء المخاض الإقليمي، لكن لا يسعهم في الوقت عينه إلا إلقاء المسؤولية على بعض الشخصيات المارونية التي ترفض تقبل حقيقة أنّ فرص وصولها الى رئاسة الجمهورية «شبه معدومة، ونحن بحاجة لمن يقنعها بذلك» كما تقول هذه الأوساط رافضة الكشف عن هويّتها.

لكنّ اللافت للنظر هو أنّ انسداد الأفق الرئاسي وجنوح بعض اللبنانيين الى التفكير بمؤتمر تأسيسي جديد يفرز نظاما أكثر تشاركية وتفاعلية لا يقنع الديبلوماسية الألمانية.

ترى برلين بحسب ما تشرح أوساطها الديبلوماسية أنّ تركيبة اتفاق الطائف كانت صحيحة جدّا وتصفها بـ «المتوازنة في الدّاخل اللبناني».

برأي الألمان أنّ اتفاق الطائف الذي أصبح دستوراً للبنان أبعد الطائفية عن الحياة السياسية اللبنانية، وخصوصا أنّه أرسى مجلساً للشيوخ يمثل جميع الأطياف اللبنانية، وهذا «أمر جيّد جدا» بحسب تعبير الألمان «ويجب أن يمتثل به العالم».

وعن طرح البعض مسألة المداورة في رئاسة الجمهورية بسبب اعتلال القرار الماروني، لا يعتبر الألمان أن في الأمر فائدة «فالمفيد أكثر أن يكون في لبنان رئيس مسيحي، لأنّ وجود هذا الرئيس يبعث التفاؤل عند كل مسيحيي المنطقة وخصوصا أنّ نسبة المسيحيين تنخفض انخفاضاً ملموساً في لبنان، وبالتالي من المهم إبعاد المذهبية عن الحياة السياسيّة مع الحفاظ على الميثاقيّة وعلى العقد الاجتماعي الموجود».

وتضيف الأوساط الديبلوماسية الألمانية: «يجب عدم الانزعاج من كون الرئيس اللبناني مارونياً، في ألمانيا ينتخب الرئيس من قبل 3 أشخاص فحسب، وهذا أمر مزعج للبعض لكنّ التوازن موجود في عمل بقية المؤسسات ومن حق الموارنة أن يختاروا رئيسهم وأن يقدّموه للبنان كلّه».

في الإطار اللبناني، يستفسر الألمان أيضا عن مسألة النزوح السوري، معربين عن قلقهم من تأثيرات هذا النزوح على المجتمع اللبناني وعدم القدرة على توفير الأموال اللازمة للمساعدة، وعدم تفاعل المؤسسات (اللبنانية) مع ما تدفعه الدول المانحة، علماً أنّ ثمة 15 ألف نازح سوري انتقلوا للعيش في ألمانيا من خلال برامج ألمانية خاصّة، كما قصد ألمانيا 140 ألف نازح سوري تمّ اختيارهم من نازحي الداخل أو من تركيا وانتقلوا للعيش في ألمانيا عن طريق لبنان.

يقول الألمان إنّ ثمة مبالغ ألمانية وأوروبية تصلح لتمويل برامج تربوية واجتماعية خاصة بالنازحين تتولاها المؤسسات الحكومية اللبنانية كالـ20 مليون يورو التي رصدت لوزارة التربية، لكنّها تحتاج الى إقرار من قبل الحكومة والى موافقة البرلمان اللبناني.

وتكشف الأوساط نفسها وجود حوالي 80 مليون يورو لا تجد لها سبيلا الى الصرف بسبب تعطل البرلمان والحكومة اللبنانيين.

من جهتها، تعاني الحكومة الألمانية من موجات نزوح غير شرعي كما معظم الدول الأوروبية، ومن انتقال عدد كبير من النازحين السوريين غير الشرعيين يبلغ عددهم نحو 5 آلاف نازح سوري شهريا، ويتوقع المسؤولون الألمان أن يبلغ عدد النازحين السوريين غير الشرعيين الى ألمانيا في نهاية هذه السنة حوالي 200 ألف نازح سوري وهي النسبة الأكبر منهم.

لم يقدم اجتماع برلين حول مسألة النزوح الى دول الجوار السوري أيّ أمر جديد، وهو انعقد في كانون الأول الفائت، كذلك اجتماع الكويت الثالث للدول المانحة الذي لم يوفر المبالغ المطلوبة لمعالجة مشكلة النزوح الكثيفة والمستمرّة.