IMLebanon

إشتدّي يا أزمة… تنفرجي أم تنفجري؟

 

تكثر هذه الأيام التكهّنات حول مستقبل لبنان ومجمل الأوضاع في المنطقة في الأسابيع والأشهر المقبلة، وذلك في ضوء المواقف الهجومية السعودية الجديدة ضدّ إيران و«حزب الله» والمعبَّر عنها في كلام وزير الخارجية السعودي عادل الجبير وتغريدة وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان، والتفاعل اللبناني الداخلي معها، وخصوصاً على جبهتَي قوى 8 و14 آذار.

بعض المرجعيات السياسية فسّرَت هذه المواقف السعودية الجديدة على أنّها تعبير عن أحد أمرَين: إمّا أنّها تعكس أنّ المفاوضات الجارية بعيداً من الأضواء بين القوى الإقليمية الكبرى دخلت في مرحلة رفعِ سقوفِ المواقف لتحقيق أكبر مقدار من المكاسب في التسويات المرتقبة، وبذلك ينطبق على هذه المواقف التي يمكن أن تتكرّر، مقولة «إشتدّي يا أزمة تنفرجي». وإمّا أنّ هذه المفاوضات فشلت، وذلك قد يؤدّي إلى اشتداد الأزمة وتفجُّرِها أكثر فأكثر.

ولكنّ التطورات الجارية في المنطقة، وعلى رغم أنّ بعضها ما زال يعكس مؤشرات الى مزيد من التصعيد على بعض الجهات، تشي بأنّ الأزمات بدأت تقف على أبواب حلول، قد يكون باكورتها حلّ الأزمة السورية.

فكلام وزير الخارجية السعودي لم ينفِ وجود مفاوضات سعودية ـ إيرانية، بل أوحى مداورةً بوجودها، فصحيح أنّه قال إنّ «تصريحات وزير الخارجية الإيراني عن التقارب (بين الرياض وطهران) مثيرة للسخرية»، فإنه في الوقت نفسه قال: «لا نرى أيّ جدّية من إيران في الحوار والتعاون الدبلوماسي»، ثمّ أضاف: «إذا أرادت إيران تحسينَ علاقتها بالسعودية عليها وقفُ الإرهاب والتدخّلات». ليلتقيَ في نهاية كلامه مع تغريدة الوزير السبهان

ضدّ «حزب الله» باتّهام إيران بأنّها «تزعزع استقرارَ المنطقة من خلال «حزب الله» والهجمات الإرهابية».

ولكنّ تغريدة السبهان المتفاعلة لبنانياً دفعَت كثيراً من المعنيين والسياسيين الى طرحِ تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين القوى السياسية المشاركة في الحكومة، وتحديداً بين تيار «المستقبل» و«حزب الله»، فلبنان الذي يتأثّر دوماً بما يحصل في محيطه، يتأثر إيجاباً في زمن الإيجابيات، وسلباً في زمن السلبيات، تَسوده الآن مخاوفُ من تزايُد التأثيرات السلبية للأزمة المستحكمة بين الرياض وطهران عليه، خصوصاً أنّ تغريدة السبهان خيّرَت اللبنانيين بين أن يكونوا مع «حزب الله» أو يكونوا ضدّه.

على أنّ بعض السياسيين يقولون إنه بالرغم من المواقف المتعدّدة الصادرة من مرجعيات كبيرة دولية وإقليمية ومحلية تستبعد إقدامَ إسرائيل على عملٍ عسكري ضدّ لبنان في سياق تهديداتها له ولـ«حزب الله»، لا يمكن الاطمئنان إلى إسرائيل التي يُخشى من أن تفكّر في عملٍ من هذا النوع مستغلّةً الأزمة بين دوَل الخليج العربي وإيران، وكذلك الأزمة بين هذه الدوَل و»حزب الله»، وهاتان الأزمتان عبَّرت عنهما مواقفُ الوزيرين الجبير والسبهان بوضوح.

وفي مقابل ذلك يقول مطّلعون على موقف «حزب الله» «إنّ لبنان ما زال يعيش ارتدادات ما بعد معركة الجرود، وإنّ العاصفة السياسية المعادية لـ«حزب الله» والتي واكبَت تلك المعركة واستمرّت بعدها، وفّر لها الجانبُ الاميركي مادةً دسمة بإيقاف قافلة «داعش» في الصحراء السورية وتركِها لأيام ولم تزَل، وإنّ الهدف السياسي من إبقائها حيث هي لم يكن قتل جماعةِ «داعش» أو تنفيذ رغبةِ الحكومة العراقية، بمقدار ما كان ولا يزال إحراجَ «حزب الله» وتعزيزَ الزوبعة السياسية حول ظاهرة إرادة التفاوض مع «داعش»، في محاولةٍ لحشرِه في الزاوية وتجويفِ انتصاره الميداني عبر ضربِه بمجموعة من الاتّهامات التي أثيرَت من خلال القافلة والإضاءة العالمية عليها، والأهمّ على الصفقة التي أمَّنت انتقالها.

إذ كانت هناك قوى سياسية لبنانية وإعلام لبناني وعربي وفضائي يمثّل جزءاً أساسياً من لعبة «الفتكِ» بـ«الحزب» إعلامياً، وذلك ضمن محاولة تعويض واضحة عن عدم القدرة على منعِ الحزب من الانتصار عسكرياً واستراتيجياً، وبالتالي فإنّ كلّ السجال السياسي المتعدّد الوجوه هدفُه الأساسي هو محاولة البحث عن توازنٍ مع حجم الإنجاز الهائل الذي حقّقه الحزب، أو على الأقلّ منعُه من تثمير هذا الإنجاز سياسياً».

ويَعتقد هؤلاء المطّلعون «أنّ هذه المرحلة مستمرّة، ولكنّ عناصرها، خصوصاً بعد تغريدة السبهان، بدأت تطرَح أسئلة عن مصير الحكومة وعن مصير الحوار بين «الحزب» و«المستقبل»، المتوقّف منذ أشهر، والسؤال الأكبر والأهمّ هو عن مدى قدرة رئيس الحكومة سعد الحريري على الاستمرار في ما يسمّى «حكومة ربطِ النزاع» أو «مرحلة ربطِ النزاع» التي هي أساس المرحلة الماضية، وبالتالي هل لبنان أمام مفترق؟

وفي ظلّ تقدّمِ النظام السوري وحلفائه في الميادين مَن قال إنّ «حزب الله» من جهته لا يزال متمسّكاً بمرحلة ربطِ النزاع؟ الأكيد إذا سلّمنا بأنّ الحكومة هي جنين، تكون بفِعل زواج «حزب الله» مع «المستقبل»، وإنّ الحزب لن يبادر إلى رميِ الطلاق من جهته».