IMLebanon

الخروج من الفراغ الى وضع أخطر؟

كل الدائرين في مأزق قانون الانتخاب يعرفون اننا نعمل على تعقيد أزمة على سطح أزمة بنيوية أكبر في العمق. والتفاهم على قانون انتخاب، اذا حدثت معجزة، يقدم حلا تقنيا للأزمة على السطح، مع بقاء الأزمة البنيوية في العمق على حالها، والتصرّف كأن التكيّف معها هو الحل. فلا أحد يعرف متى وكيف يتم تحرير لبنان من الأسر في مشهد سوريالي ضمن واقع تراجيدي. ولا شيء يوحي ان المعادلات الغريبة العجيبة المتحكمة بنا مرشحة للتبدّل قبل ان تجرفنا الأخطار ويكتمل اغلاق نافذة الفرص.

والمفارقات مذهلة: نظام طائفي مأزوم ومفلّس، لكنه أقوى نظام في العالم العربي. زعماء أقوياء وسلطة ضعيفة في دولة مهدّدة بوضعها في خانة الدول الفاشلة. رجال سياسة لا يكفّون عن الحركة والكلام في حياة سياسية جامدة واقتصاد منكمش وفساد فاجر. ودين عام بأرقام فلكية تتصاعد. مواقف تتركز في الخطاب على مبادئ وقيم، وتختصر كل العمل بالرهان على أهداف يتم استخدام كل شيء وأي موقف من أجل تحقيقها.

وليس أخطر من الفراغ سوى التصرّف كأن كل مؤسسة رسمية ملكية خاصة لطائفة مفتاحها في يد واحد من ملوك الطوائف، وأي محاولة لتصويب هذا الشطط يتم اعتبارها تهجما على صاحب المفتاح واعتداء على مقام الطائفة. والأخطر منهما معا هو التسليم بأن الخروج من الفراغ ممكن في النهاية بالذهاب الى ما يسمّى المؤتمر التأسيسي.

لماذا؟ لأن المؤتمر التأسيسي، بصرف النظر عن التبسيط والتعقيد في حساب موازين القوى وموازين المصالح، هو رحلة نحو المجهول تبدأ بتكسير أساس لبنان. ومتى؟ حين تدور أحداث دراماتيكية وتدار مؤتمرات ومؤامرة لاعادة تأسيس الشرق الأوسط كله بقوة الحروب والفوضي والعصبيات. اعادة تأسيس للأنظمة وحدود البلدان. وتأسيس حدود وخطوط داخل البلدان. ومن الصعب حاليا تصور الصورة النهائية لسوريا والعراق واليمن وليبيا وسواها بعد ان تنتهي وظائف الحروب فيها وأدوار التنظيمات الارهابية.

ومن حسن الحظ ان لبنان يبدو محصّنا ضد العودة الى الحرب من جديد، وسط هواجس ومخاوف كثيرة. فلا مبرر لحرب لا تخدم مصالح أي طرف داخلي أو خارجي. لكن الواقع ان حرب لبنان مستمرة في حروب سوريا والعراق واليمن. والتحدّي أمامنا هو البحث عن تسويات للأزمات على السطح، وفي طليعتها أزمة اللاانتخابات، لأن تكبير البحث عن حلّ جذري للأزمة البنيوية هو وصفة للعجز حتى عن اجراء انتخابات مهما تكن صيغة القانون.