IMLebanon

التهديد باستخدام الحرس الجمهوري!

 

المهزلة القضائيّة مستمرّة، وآخر فصولها تغريدة نقلت عن رئيس الجمهوريّة أنّه «أبلغ المعنيين أنه سيرسل الحرس الجمهوري في حال تمّ المسّ بالقاضية غادة عون»!! ولواء الحرس الجمهوري هو أحد الألوية التابعة للجيش اللبناني، ويبدو أنّ السؤال بعد ترويج هذا النوع من التهديد أصبح أمراً مشروعاً: هل هناك من توضيح عن قيادة الجيش بإزاء التهديد باستخدام لواء يتبع لها ليس بين مهامه المعلنة رسمياً حماية أشخاص أو موظفين لمجرّد أن ولاءهم لتيار سياسي أو لرئيس الجمهورية؟ وطرح السؤال على رئيس الجمهورية الذي هو «حكم» بحسب نصّ الدستور أيضاً أمرٌ مشروع: هل من اختصاص فخامته تسخير لواء مهمّته حمايته هو شخصيّاً لحماية موظف ـ وإن كان برتبة قاضٍ ـ خارج عن تنفيذ القانون وأوامر رؤسائه؟! ما هذا الهراء الذي يتابعه اللبنانيّون والعالم في عملية واسعة لتضليل الرأي العام بادّعاء استرداد أموال المودعين التي تمّ تهريبها إلى الخارج؟ وهل المودعون اللبنانيّون عددهم ضئيل إلى هذا الحدّ، وهل هم يقتصرون على التيّار العوني فقط؟ وإذا كانت القاضية غادة عون تقوم بهذه المهمّة «السوبر وومن» فهل هناك من داعٍ بعد لعمليّة «التدقيق الجنائي» في مصرف لبنان التي أيضاً يمارسون عبرها عمليّة تضليل للرأي العام، لأنّ مغارة علي بابا الحقيقيّة هي في ملفّ الكهرباء والنّفط؟!

 

لا تعنينا مسيرة القاضية غادة عون إذا دمّرتها بممارساتها ولا كيف سينتهي بها الحال بعد هذه المغامرة المجنونة خصوصاً وأنّها لم تحسب حساباً لآخرتها «القضائيّة» بعد نهاية هذا العهد ورحيل ساكن القصر عنه وفشل كلّ هذه المحاولات التي قادت لبنان وشعبه إلى جهنّم من أجل توريث صهر العهد الرئاسة ـ وهذا أمرٌ من المستحيلات ـ ولم تُحسن تقدير عاقبة ما تقوم به خصوصاً إذا ما تمّت مقاضاتها لاحقاً من كلّ من تضرّروا منها وبينهم مجلس القضاء الأعلى الذي عصت أوامره وقراراته وأساءت لهيبة القضاء والقضاة في لبنان الأمر الذي سيحوّلها لاحقاً أمثولة لأيّ قاضٍ يفكّر بالخروج على القانون، فترميم صورة القضاء وتقطيب جروح هيبته سيحتاج زمناً لينسى اللبنانيّون مغامرات غادة عون ومداهماتها الخارقة! ولكن يعنينا تكرار التساؤل الذي نُقِل بالأمس عن مصادر قضائيّة… سألت «هل اتخذت القاضية غادة عون قراراً ذاتياً بتعديل الدستور وتغيير القوانين التي تحكم عمل القضاء والقضاة لكي تمنح لنفسها سوبر صلاحيات تخوّلها انتهاك القوانين فتنصّب نفسها فوق المدعي العام التمييزي ومجلس القضاء الأعلى؟»، قد يكون الجواب على هذا السؤال أنّ ما تفعله غادة عون أكبر منها ومن أن يكون قراراً ذاتيّاً تتخذه، وكفى بتلويح رئيس الجمهورية باستخدام الحرس الجمهوري لحمايتها ومنع «المسّ بها» ـ بمعنى آخر تأمين الحماية والرعاية لها للاستمرار في الخروج على القانون وتهشيم صورة القضاء ـ إجابة واضحة فاضحة على تساؤل المصدر القضائي.

 

يتابع اللبنانيّون فصول هذه المهزلة بقلقٍ يغلّفه سؤال حول ما إذا كان رئيس الجمهوريّة ميشال عون يريد تكرار مغامرة الجنرال ميشال عون عام 1989 ولكن بطريقة مغايرة، الأيام القليلة المقبلة كفيلة بتظهير الصورة والجواب.