لا أعلم كيف يفكّر مسؤول كبير، مطلوب منه أن يكون قائداً، لا في المنصب فقط، بل في الممارسة بهذه الطريقة؟ إذ ان أبسط الأمور التي يتوجب على أي مسؤول اليوم أن يجعلها هاجسه الأول في حياته، هي إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأوضاع الصعبة والمهينة التي يتعرّض لها المواطن يومياً، بدءاً بثمن الدواء الى ثمن الخبز، الى ثمن البنزين والمازوت، الى كلفة الطبابة وأقساط المدارس، وإلى كل شيء في هذه الحياة.
المواطن اللبناني الذي كان من طبقة متوسطة تمثل أكبر شريحة في المجتمع اللبناني، هذه الطبقة أصبحت إما فقيرة أو مهاجرة. وبذلك لم يبقَ في البلد إلاّ الفقراء.. وهذا كله، سببه إدارة الدولة… فمهما حاولنا أن نعبّر أو أن نضع ملامة على هذا أو ذاك فالأمور لن تتغير بهذه البساطة.
والعجيب الغريب أنّ أكبر مسؤول في الدولة عطّل التشكيلات القضائية، لسبب وحيد فقط هو أنه يريد أن يستخدم القضاء للانتقام من منافسيه، وهذا ما حصل ويحصل يومياً تقريباً، فكما يقال: «كل ما دق الكوز في الجرّة» تطل علينا القاضية التي لم يكتب لها الزواج، فتصدر مذكرة توقيف أو مذكرة جلب، وكأنّ السلطة القضائية أصبحت سلطة «غب الطلب»، والله عيب ما يحصل في لبنان، لا بل هو عار في تاريخ هذا البلد الحضاري، الذي كان يتميز عن جميع الدول التي حوله بأهم ميزة ألا وهي الديموقراطية والحريات.. فأين أصبحت كل هذه؟ فبفضل العهد القوي والصهر المدلل صارت كلها في خبر كان.
مسلسل الاعتداء على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يبدو كما يقول المثل: «لا يمكن إلاّ أن تظهر الحقيقة في النهاية مهما طال الزمن».
الحقيقة الأولى كانت عندما اعترف المحاميان زينة واكيم ووليد سنو اللذان يعملان في سويسرا وأسّسا جمعية تسمى «Accountability now» (المحاسبة الآن) أنّ هناك شائعات تتناول دور حاكم مصرف لبنان بالتصرّف بالأموال، وطاولت هذه الاتهامات بنك عودة في باريس الذي اخضع للتحقيق.. واعترفت المحامية في كتابها أنّ تصرفها وزميلها وليد سنو كان تصرّفاً لا يرتكز الى دراسات قانونية أو حسّ بالمسؤولية تجاه الآخرين.
مع الإشارة الى موضوع بنك عودة بتاريخ 2021/6/21 فمن المفيد الإشارة الى أنّ ترويج ادعاءاتهم بتبييض الأموال سبق ذلك. ما اضطرهما الى مواجهة انذار بإقامة دعوى ضدهما بإساءة «ذمة وتعدٍّ» على الحقيقة ما سبّب ضرراً بالعمل المصرفي.
كما اضطرهما الى توجيه رسالة لمحامي شركة في بريطانيا أصابها الاتهام يعتذران فيها عن الإساءات وكأنها غير مقصودة، والاعتراف بأنّ المعلومات مستقاة من مصادر صحافية غير موثوقة (ويرجى هنا التركيز على ان المعلومات بالفعل هي مستقاة من مصادر «صحافية» غير «موثوقة»)… ومن ثم يتعهدان بعدم استعمال الاتهامات من هذا النوع واللجوء الى نشرها، بل حتى تهديد من وردت أسماؤهم في الادعاءات المختلفة رغبة في الايذاء وعدم الاستماع إليهم مستقبلاً.
هذا، ومن المعلوم أنّ هناك اوركسترا في لبنان وفي فرنسا تعمل على نشر معلومات غير موثوقة همّها الوحيد تشويه سمعة حاكم مصرف لبنان الاستاذ رياض سلامة.
أما الفضيحة الثانية فكما علمنا من مصادر ديبلوماسية فقد جاءت من ألمانيا، حيث جرى اتصال مع مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات حول معلومات عن ملف مالي يتعلق بمواطن لبناني من عائلة سلامة ومعه شريك من عائلة سنو يتعاملان بالعقارات شراءً وبيعاً.. وسأل المصدر إذا كان على استعداد لشراء المعلومات فأجيب بإيجابية، وهكذا تمت العملية ليتبيّـن في ما بعد أنّ الشخص الذي أتت المعلومات بشأنه وعن علاقاته بالعقارات ليس حاكم مصرف لبنان، بل هو من عائلة سلامة ولا توجد له أية علاقة بالحاكم.
وهكذا يبدو ان كل يوم يمر، سوف تظهر فيه براءة هذا الرجل الذي له فضل على كل لبناني، ويكفيه فخراً انه حافظ على استقرار سعر صرف العملة على مدى 27 سنة بسعر ثابت هو 1500 ل.ل. وهذا يحدث لأول مرة في تاريخ بلد يتعرّض لكل أنواع الاضطرابات والحروب، ويكفي أن تكون إسرائيل جارة لنا، ويكفي أن تكون سوريا أيضاً جارة لنا.
عدا عن وجود «حزب مسلح» تابع للجمهورية الايرانية تموّله بمبلغ قدره مليار دولار للرواتب والأكل والشرب والطبابة، ومليار ثانٍ للسلاح أهمها الصواريخ والمسيّرات، كما بشرنا السيّد ان تلك الصواريخ أصبحت صواريخ دقيقة، وهنا لا بد من سؤال السيّد:
أولاً: لماذا لا يزال يسكن في ملجأ؟
ثانياً: وماذا عن الاعتداءات الاسرائيلية التي تكاد تكون يومية على سوريا وعلى القوات الايرانية والحرس الثوري والحزب العظيم؟
أما السؤال الكبير فهو: متى سيكون الرد؟