IMLebanon

أيّوب تحذّر: تشويه الموازنة وإلغاء دور السلطتين التشريعيّة والتنفيذيّة

 

 

تحوّلت الحقوق البديهيّة للعاملين في القطاع العام وأساتذة الجامعة اللبنانية إلى عمليّة ابتزاز في يد سلطةٍ تسخّر حقوق مواطنيها، وتجعلها أداةً لتأجيج معاركها السياسيّة الهادفة إلى إطاحة ما تبقّى من مقوّمات دولة القانون. وذلك بعدما تحوّل المجلس النيابي ميداناً لمخالفة القوانين التي ترعى انتظام عمل المؤسسات، واستعاض عن دوره الرقابي على أعمال الحكومة، ومساءلتها عن رؤيتها الماليّة الإصلاحيّة، بإقرار قوانين وفتح اعتمادات وهميّة تتيح للحكومة الصرف من موازنةٍ غير موجودة.

 

وعلى أثر الإعتراض على تصديق مجلس النواب في جلسته يوم الإثنين الماضي على فتح اعتمادات إضافيّة تخطّت إجمالي أرقام موازنة عام 2022، (ما يقارب 40 ألف مليار ليرة لبنانيّة)، توضح النائبة غادة أيّوب، أن حصول الموظفين والأساتذة على رواتب تحفظ كرامتهم وتؤمّن ديمومة الإدارة العامة والمؤسسات التربوية، يعدّ من الحقوق الأساسيّة التي لا تقبل الشكّ، قبل أن تكشف عبر «نداء الوطن» عن تداعيات تخطّي القوانين لتأمين هذه الحقوق، وإطالة أمد النهج القديم الذي فتك بالمؤسّسات وحال دون قيام دولة قادرة على تأمين أبسط مقوّمات الحياة الكريمة لشعبها.

 

ووسط التحذير من ترسيخ الخروج عن القانون كنهجٍ يتأقلم معه المواطنون من أجل تأمين متطلبات حياتهم اليومية، في ظلّ ترقّب الداخل والخارج الخطّة الإصلاحيّة الماليّة الشاملة للحكومة، شدّدت أيّوب على أنّ إقرار هذه المساعدات الموقتة ينمّ عن استكمال السياسة الترقيعيّة التي لا ترتقي إلى مرتبة السياسات الإصلاحيّة المطلوبة، ولفتت إلى أنّ هذه الإجراءات تؤدّي إلى عطب الموازنة قبل أن تبصر النور، عبر تحويلها إلى موازنة غير إصلاحيّة تعمد إلى زيادة الرواتب قبل تقديم دراسة شاملة تلحظ ملاءة الماليّة لتغطية هذه الزيادات، تحديداً بعد الإنعكاسات السلبيّة المرتبطة برفع الضرائب والدولار الجمركي، والتي أدّت إلى انخفاض نسبة العائدات الضريبيّة لصالح ارتفاع نسبة التهرّب الضريبي والجمركي.

 

ورغم الواقع القانوني لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي المستقيلة، أكّدت أيّوب أن إعداد مشروع الموازنة يقع في صلب المهمات المولجة بالحكومة، وأشارت إلى أن إقرار المجلس النيابي فتح اعتمادات إضافيّة قبل أيام، أتى قبل إحالة وزير المالية مشروع قانون الموازنة إلى مجلس الوزراء من أجل مناقشته والبحث فيه. لكن تردّد أن وزير المالية ما زال في صدد «جوجلة» شاملة لاعتماد سعر الصرف وتدوين الإعتمادات والإيرادات في الموازنة.

 

ومع تشديد أيوب على عدم إمكانية الركون إلى مشروع وهميّ للموازنة، توقّفت عند تعددية أسعار الصرف بين الـ15 ألف ليرة الذي تعتمده رسمياً الحكومة ومصرف لبنان، وسعر صيرفة (يقارب 86 ألف ليرة)، وسعر الصرف الفعلي (يقارب راهناً 93 ألف ليرة). وإذ كان من البديهي أن ترتكز الدولة في موازنتها على سعر الصرف الرسمي، تساءلت بحذر عن إمكانية إعداد موازنة الدولة على أساس منصة قابلة للإلغاء (صيرفة 86 ألف ليرة)، وسعر الصرف الرسمي هو 15 ألف ليرة، في ظل غياب أي نص يشير إلى إمكانية اعتماد «صيرفة» سعراً رسمياً للصرف، وسط ضبابيّة تحيط ديمومتها مع انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان نهاية شهر تموز المقبل. واعتبرت أيّوب أنّ هذا التخبّط يؤكد أنّ أرقام الموازنة المفترضة وهميّة وغير مبنيّة على أرقام فعليّة، ما لم تراعِ سعر الصرف الفعلي المرتبط بالعرض والطلب، أي سعر الصرف في السوق.

 

ولفتت إلى أن حاجة المجلس النيابي إلى فتح اعتمادات إضافيّة مرتبطة بعدم اعتماد موازنة عام 2022 سعر صرف يلاقي السعر الفعلي المتداول، ما أدّى إلى استنزاف الإعتمادات المرصودة. وهو مرجّح تكراره في حال تفلّت سعر الصرف الفعلي، رغم أنّ قيمة الإعتمادات التي أقرّت حتى نهاية العام، أي 5 أشهر، توازي موازنة عام 2022، ما يترك الباب مفتوحاً لإمكانية أن تؤدّي هذه الزيادات غير المرتبطة بخطة شاملة إلى تضخّم مماثل يفاقم الأمور تعقيداً.

 

ووسط تشديد أيّوب على عدم إمكانية فتح اعتمادات في موازنة لم يبدأ مجلس الوزراء مناقشتها، وإقرارها، أوضحت أنّ المادة 12 في قانون المحاسبة العمومية التي تتيح فتح اعتمادات في موازنة لم تقرّ، إنما ترتبط بعدم إقرارها في مجلس النواب وليس قبل رفعها إلى مجلس الوزراء، والإطلاع على أرقامها ومصدر إيراداتها، بعيداً عن محاولات الغشّ والإحتيال التي رافقت التلاعب بإقرار الإعتمادات، ما بين ربطها بسندات خزينة والإعلان عن تأمينها من خلال عائدات الدولار الجمركي وغيره من المرافق.

 

وتساءلت أيّوب عن المسار القانوني لتسجيل الإعتمادات التي أقرّها المجلس ووفق أي قطع حساب إذا انتهت السنة من دون التمكّن من إقرار الموازنة، تحديداً بعد قيام مجلس النواب بتأدية دور الحكومة وإقرار موازنة بطريقة مموّهة، واعتمادات إستثنائية خلافاً لدوره الرقابي على أعمالها ومحاسبتها، ما يضع المجلس أمام مراقبة نفسه ومحاسبتها على الأعمال التي يقوم بها.