يقرأ نائب رئيس الحكومة السابق النائب غسان حاصباني في مشهد حرب غزة، تأثيرات تسبِّب الريبة والشلل في لبنان على كافة الأصعدة، معتبراً “أننا كنا في غنى عنه في هذه المرحلة، لأن اللبناني كان من المفترض أن يركِّز أكثر على انتخاب رئيس الجمهورية وعلى الإصلاحات المطلوبة، وحتى على مستوى القطاع الخاص الشركات كانت لتركِّز على استثماراتها وإعادة تنشيط أعمالها، فكل ذلك اليوم بحالة ترقّب وشلل للأسف، فالترقب هو على خلفية احتمال توسّع رقعة الإشتباكات الحاصلة اليوم في جنوب لبنان، إلى اشتباك واسع وشامل يزج لبنان بحرب لا يمكن معرفة نتائجها، ولأي مدى ستحصل ومدى الأضرار التي ستصيب البنية اللبنانية”.
وعن الشغور الرئاسي، قال حاصباني لـ “الديار”: “المبادرات الرئاسية متوقفة، ومجلس النواب لا يعقد الجلسات لانتخاب الرئيس، ولا زلنا مكانك راوح، وكأن المحور الذي لا يريد رئيساً في بعبدا، استفاد من أحداث غزة لوضع الإنتخابات الرئاسية على الرفّ، ومن كانوا يحاولون وضعها على الرفّ من خلال حوارات ونقاشات خارج مجلس النواب، أتت أحداث غزة كحجة لشلّ العمل بهذه الإنتخابات”.
ألا تفرض الظروف الخطيرة التي نمرّ بها استنفار الطبقة السياسية لأنهاء الشغور؟ أجاب “المخاطر التي نمرّ بها تفرض علينا تسريع الإنتخابات الرئاسية، بدءاً بفتح مجلس النواب بجلسات مفتوحة إلى حين انتخاب الرئيس، خصوصاً أن المخاطر اليوم، وبدل أن تؤخر إجراء هذا الإستحقاق يجب أن تكون عاملاً محفِّزاً للإسراع بإجراء الإنتخابات، وخلق حالة استقرار في البلد، هذا بالإضافة إلى ما نراه من تسليم حكومة تصريف الأعمال بشكل واضح بأن قرار الحرب والسلم ليس في يدها، أي أنها أعلنت فقدان سيادتها على هذا القرار بلسان رئيسها، وهذا أمر مؤسف جداً، فهذا خطير جداً لأننا كنا نطالب السلطة التنفيذية أن تستلم زمام الأمور، وأن تدعم الجيش اللبناني ليكون موجوداً على الأراضي اللبنانية بأجمعها، والعمل على ضبط الوضع”.
وعن خطة نواب المعارضة بعد ما أعلنته الحكومة، أكد أن “أي مجازفة في لبنان بزجّه في هكذا معركة، ستكون عواقبه وخيمة على لبنان واللبنانيين، فلبنان لطالما دعم القضية الفلسطينية المحقّة وضمن القرارات العربية والحلول العربية التي طُرحت، لا سيما في مؤتمر بيروت في العام 2002 لحلّ الدولتين والسلام وغيره، ونؤمن أنه لا حل في المنطقة إلاّ بعد إيجاد حل نهائي للقضية الفلسطينية، ولكن في الوقت نفسه، لا قدرة للبنان أن يتدخل بأي عمل عسكري اليوم لأن الوضع اللبناني هشّ جداً، إلى درجة أنه قد يتفكّك البلد بأكمله في حال حدوث تدخل في الحرب وهجمات مضادة على لبنان، لا سيما وأن لبنان هو أكثر من قدّم للقضية الفلسطينية، ولكن اليوم ليس في موقع القادر على التدخل بشكل عسكري، وإذا حصل سيكون ذلك مدمّراً على البلد، وهنا على المعنيين أن يعوا خطورة هذا الأمر”.
وتابع “بالنسبة للمعارضة علينا أن نؤكد على هذه الثوابت، وعلى هذه المخاطر أمام الناس، فنحن ليس لدينا أي سلطة تنفيذية لتقوم بالعمل الذي يجب أن تقوم به، كل ما بإمكاننا أن نفعله هو تحصين مجتمعنا، ونسعى إلى توعية من بيدهم هذا القرار في الدولة اللبنانية على خطورة أي انزلاق إلى هذه المواجهة”.
وعن زيارة الرئيس الأميركي إلى “إسرائيل” وزحمة الموفدين، إعتبر أنه “من الصعب التكهّن بنتائج كل هذه الزيارات، لأن الوضع لم يعد ملفاً داخلياً أو إقليمياً، إنما بات ملفاً دولياً، وهؤلاء الزوار يحاولون وضع أطر للمرحلة القادمة، أولاً لتخفيف حجم المواجهات وحصرها قدر الإمكان وتخفيف الأضرار أيضاً، وفي الوقت نفسه يبدو أن هناك مواقف واضحة للقيام بعمل سريع لحل هذه القضية بشكل جذري، وليس بشكل موضعي أو مؤقت، لأن حجم التدخل الحاصل، ومن أقوى دولة، لا يمكن أن يذهب من دون حلول ونتائج، لأنه مكلف”.
وعن إعادة ترسيم المنطقة، رأى أن “هناك خطراً من إعادة خلط ديمغرافي وجغرافي في المنطقة قد يقسِّم بلاد، وقد يفتح أزمات جديدة للسنوات العشر القادمة، وقد يكون أيضاً مدخلاً لاستقرار في المنطقة بعد انتهاء هذه الزوبعة التي نمر بها، فلا أحد يمكن أن يدرك نتائجها في هذه اللحظة، الأهم تخفيف الأضرار على المجتمعات وعلى الأبرياء، الذين يدفعون الثمن عند التحوّلات الكبرى، لأن الممسكين باللعبة يستخدمون هذه الشعوب المغلوب على أمرها للتفاوض عليها والتقاتل بها”.
وختم حاصباني : “هذه هي لعبة الأمم، وباعتقادي أن المنطقة في العام 2030 لا تشبه المنطقة في الـ 2000، وهذه دورة ثلاثين عاماً هي دورة تحوّل في المنطقة، وهي نتيجة ما بعد انتهاء الحرب البارد، يحصل تبدّل كبير على مستوى المنطقة بأجمعها، هناك عدة قوى تحاول خلق موقع لنفسها وتخلق النتيجة التي تناسبها، في هذه الحالة على الشعوب العربية الموجود في المنطقة أن تعي ما يحصل، وخاصة اللبنانيين بأن لا ننزلق إلى مواجهات واحتكاكات، قد تؤدي إلى تفجير لبنان كلياً وإعادة خلط تركيبة لبنان”.