فيما كثرت التحليلات والتكهّنات حول موعد عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت وما يُمكن أن يحمل من أفكار، يجزم النائب المستقلّ غسان سكاف أنّ مفتاح الحلّ لأزمة الشغور الرئاسي وللملفّ اللبناني ليس في يد فرنسا وحدها، وإنما هو في واشنطن وقد يُعطى للرياض، وبالتالي فإنّ فريقي المعارضة والممانعة في الداخل اللبناني ينتظران ما قد يأتي من الخارج لمواكبته والبناء عليه.
سكاف الذي شارك مع وفد نوّاب المعارضة في جولات وزيارات خارجية بهدف طرح تصوّر للحلول وكيفية الخروج من الأزمة الإقتصادية والسياسية وموضوع الإتفاق مع صندوق النقد الدولي والإصلاحات، إضافة إلى ملفّ النزوح السوري في لبنان، كشف عن مبادرة جديدة بدأ العمل عليها بعيداً من الإعلام ضماناً لنجاحها، تهدف إلى كسر الحواجز القائمة بين طرفي المواجهة الداخلية في الملف الرئاسي. فأكّد لـ»نداء الوطن» أنّ «المبادرة الجديدة والثالثة هدفها التوصّل إلى تفاهم على مرشح لرئاسة الجمهورية قد يكون أحد المرشّحين اللذين تمّ التصويت لهما (سليمان فرنجية أو جهاد أزعور أو ربما مرشح ثالث)، وهذا ليس مستحيلاً بعدما نجحنا سابقاً في كسر الحواجز بين الأطراف التي كانت متخاصمة ومختلفة في مبادرة التوافق على دعم ترشيح جهاد أزعور».
وجزم سكاف بأنّ «كل الأوراق المرتبطة بملفّ رئاسة الجمهورية أصبحت في الخارج الآن، وعندما تحرّكنا من موقعنا المستقلّ ومع نوّاب المعارضة في الخارج، كان الهدف تحفيز هذا الخارج المؤثر في قوى الداخل من أجل تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية».
وحسب سكاف، فإنّ الموضوع الرئاسي كان يبدأ بالخارج، من القاهرة مروراً بدمشق وصولاً إلى طهران، وكان المفتاح دائماً في واشنطن، وهذه المرة أعطت واشنطن المفتاح لفرنسا التي أخفقت في إدارة الأزمة ومعالجتها من خلال تبنّي مرشح مُحدّد، وبالتالي أعيد استنهاض المبادرة أو المهمّة الفرنسية عبر الموفد الشخصي جان إيف لودريان. وعليه، أصبحت كل الأوراق في الخارج.
ويعرض سكاف مسعاه بمبادرتين سابقتين، أُجهضت الأولى وحيل دون نجاح الثانية في الوصول إلى خواتيمها، فقد كان من نتائج الإتّصالات التي جرت في واشنطن وباريس التفاهم على دعم ترشيح جهاد أزعور والذهاب إلى لعبة التصويت الديموقراطية من أجل انتخاب رئيس للجمهورية، لكن ما حصل لم يُستكمل.
ويؤكّد أنّه ليس من المعوّلين على حركة لودريان، و»أنّ التحرّك الداخلي يبقى الأهمّ، لأنّ للدول مصالح وتتحرك على وقع مصالحها، بينما التحرّك الداخلي يُمكن أن يُفضي إلى تفاهم يُدعم خارجياً، ونحن نرى أنّ التحرّك الخارجي خجول الآن وهو لإرضاء الرأي العام وتخديره فقط».
وينطلق سكاف من موقعه المستقلّ، مُذكّراً بأنّ الوضع الإقتصادي والنقدي لا يحتمل مزيداً من الإنتظار، وبالتالي لا بدّ من المبادرة بخطوات قد تُنتج تفاهماً على الحلول.
ويُشير الى أنّ مبادرته الأولى انطلقت مباشرة بعد الشغور الرئاسي وبعد دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى الحوار، «حيث تمّ التواصل مع مختلف القوى والأطراف، وكانت النتيجة رفض غالبية القوى المسيحية الحوار، وكذلك البحث في أسماء المرشحين. أمّا المبادرة الثانية، فانطلقت بعد تبنّي الثنائي أو إعلانه ترشيح سليمان فرنجية، حيث كان تصويتهما في المرحلة التي سبقت بالورقة البيضاء. وعلى قاعدة الذهاب نحو اللعبة الديموقراطية، وبالتنسيق مع البطريرك الماروني بشارة الراعي ودعمه، انطلقنا من أسماء المرشحين الـ11 التي كانت على لائحة بكركي، وبقي من هؤلاء المرشحين ثلاثة هم: جهاد أزعور وصلاح حنين وقائد الجيش جوزاف عون، وقد تولّيت إقناع الأطراف بالتوافق على اسم، وحصل ما عُرف باتفاق باريس على دعم جهاد أزعور. الآن وبعد انتهاء جلسة 14 حزيران إلى النتيجة التي كانت متوقّعة من البعض وغير متوقّعة من البعض الآخر(59 -51)، وبعد «تطيير» نصاب الجلسة وعدم استكمال اللعبة الإنتخابية كما يجب، علينا إجراء المزيد من الحوار والحديث في ما بيننا والخروج من منطق التحدّي الى التوافق والتفاهم».
ويختم سكاف أنّ «الثنائي أخطأ تكتيكياً وأساء لفرنجية بإعلان ترشيحه الذي كان يُمكن أن يحصل من قصر الرئيس السابق سليمان فرنجية ويليه حوار مع القوى المسيحية، ومن ثم دعم الثنائي وغيرهما، لكن نحن لا نُريد أن نُعالج الخطأ بتكراره، وأنا سأكون أول المعارضين والمعترضين على التصويت لرئيس يُفرض من الخارج، بينما المطلوب تفاهم وتوافق الداخل ودعم الخارج».