يرى عضو “كتلة الجمهورية القوية” النائب غياث يزبك، أن “رئاسة الجمهورية اليوم هي في الدرجة الثانية أو الثالثة في سلّم الإهتمامات، أما بالنسبة لنا فهي أولوية، لكننا لسنا بمفردنا لنقرّر الجلسة وكيفية إدارتها، وإلا لما كنا وقعنا في هذا الفراغ، هناك بعض التوريطات التي وضعتها الممانعة إن في مسألة قيادة الجيش، أو في رئاسة الجمهورية في هذا الوضع المتوتر إقليمياً، ومدى مشاركة لبنان في هذه المعركة أو عدمها”.
وحول الإستنفار الفرنسي في الملف الرئاسي، يشير لـ “الديار” الى أن “ما يجري في غزة هو ما دفع الموفد الفرنسي إيمانويل لودريان للمجيء إلى لبنان، لأنه يعتبر أن ما يحصل في غزة من الخطر بمكان أنه يجب ملاقاته وتفادي شراراته على لبنان، وتفادي هذه الشرارات يأتي بالتدرّج من خلال تثبيت قائد الجيش في موقعه اليوم، للأسباب الموضوعية التي نعرفها جميعاً ونكرّرها دائماً، إضافة إلى انتخاب رئيس للجمهورية”. ويلفت إلى أن “مجيء لودريان إلى لبنان اصطدم ببرودة وعدم اكتراث واهتمام التيار الوطني الحر وحزب الله، وبفكرة تغليب المصلحة الوطنية العليا من خلال تمرير الإستحقاق الرئاسي وتثبيت رئيس الجمهورية وقائد الجيش في موقعه، بقدر ما يلعبان لمصالحهما الخاصة”.
وعما إذا كانت “القوات” تثق بخلفيات المبادرة الفرنسية، يقول “نحن بمنظومتنا التي نبني عليها رأينا، لا نعوِّل أبداً على آراء دولة خارجية، إن كانت مُصيبة في رأيها نتقاطع نحن وإياها إيجاباً، وإذا كانت غير مُصيبة كالموقف الفرنسي في بدايات الحديث عن الإستحقاق الرئاسي، فنحن لا نتأثر بموقفها، نحن نتحرّك بوازع وطني بناء لقناعاتنا كقوات مع حلفائنا السياديين، ولا نعوِّل على فرنسا، لذلك نحن نستقبل لودريان نستمع إليه، ولكننا لا نأتمر بأوامر أحد، إنما في الوقت نفسه، بأدبياتنا واحترامنا للمرجعيات الدولية والإقليمية نحن نستقبل ونستمع، لكننا نأخذ القرار المناسب للبنان والذي يوائم نظرتنا للخروج من الأزمة، فنحن لا نعوِّل على أي موقف خارجي لتكوين موقفنا الوطني بالنسبة لاستحقاقين بأهمية رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش”.
وعن المقولة التي طُرحت بأن نتائج حرب غزة هي من سيسمي رئيس الجمهورية المقبل، إعتبر أن “كل من يضع أوراقه في الخارج ويضع نفسه بخدمة الخارج، يمكن أن يقول هذا الكلام، ولكن الفئة التي لا تتنفّس إلا لبنانياً، ولا تعمل إلا لمصلحة لبنان لا يمكن أن توافق على هذه المقولة، فمصلحة لبنان تتقرر في لبنان، ولا شأن لنا بما يجري في أي دولة من دول الجوار، رغم أن هذا الكلام ينطبق على فريق لبناني يحاول ربطنا بالقوة، وخارج إطار أي مفاهيم دستورية، بما يجري في الإقليم”.
وهل من ترسيم للمنطقة، يؤكد “أننا لسنا في مرحلة سايكس بيكو، أي لن تنشأ دول جديدة، ولن تُمحى دول موجودة، هناك سيادات قد تُستباح، وهناك من يشارك من أهل كل بلد معني بالأزمة القائمة اليوم في دول الجوار المحيطة بغزة وفلسطين، فكل مرجعية وطنية هي من تضع نفسها في ممر السيادة، تدفع ثمن ما يجري في غزة إذا تمّ لا سمح الله تهجير الفلسطينيين، أو تحافظ على سلامتها واستقرارها من خلال حسن إدارتها لشؤونها، اليوم لا يمكن أبداً أن نذهب إلى زمن تُزال فيه دول، إنما على العكس إذا أحسنّا التصرّف كلبنانيين، ويجب إقليمياً وعربياً ودولياً الضغط لقيام الدولتين، وليس لتهجير الفلسطينيين تجاه أي وجهة أخرى، لا إلى لمصر ولا إلى غيرها أو لا سمح الله لتثبيت الفلسطينيين في لبنان”.
هذا يعني أن لا مخاوف لديك على لبنان الواحد؟ يجيب: “أخاف على لبنان الواحد من عدم وجود استراتيجية واحدة، ونظرة واحدة لمصدر الخطر الذي يتهدّد لبنان، وأعني هنا أن الخلاف الداخلي هو على النظرة المختلفة للواقع اللبناني ولدور لبنان ورسالته، والإصرار على هذا المسار أوصلنا إلى كل هذه الأزمات التي نعيشها وعدم الإستقرار إلى خلافاتنا البينية ومع الدول العربية، وإلى فشل لبنان إقتصادياً” .
وعن رؤيته إلى وضع المسيحيين في لبنان في ظل تفريغ المنطقة مسيحياً، يؤكد يزبك أن “هذا السؤال موجود طالما ان المسيحيين موجودون في هذه المنطقة، وهذا السؤال كان صالحاً منذ 1500 سنة، وصولاً إلى 400 سنة تتريك، إلى الإنتداب الفرنسي، ومن ثم سيطرة سوريا على لبنان لأربعين عاماً، إلى مرحلة اللاإستقرار التي نعيشها اليوم، فالمسيحيون ليسوا سلعة أو مادة في سوق التبادلات الإقليمية، إنما هم في حال لم يؤمنوا بدورهم وبرسالتهم يصبحون عرضة للخروج والزوال من لبنان، وطالما أنهم يؤمنون بقضيتهم ويلعبون دوراً أساسياً في قيام هذه الدولة وصيانتها ماضياً وحاضراً لرسم مستقبلها وإبقائها ضمن العصر، فعلى قدر إيمانهم بدورهم ليس بإمكان أحد التأثير على وجودهم في لبنان، فالخطر على المسيحيين هو من بعض الموتورين المسيحيين والمتنكرين للصيغة الوطنية والميثاقية لشركائنا في الوطن”.