IMLebanon

أشباح

صورة لبنان قبل أن يبدأ الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله ليست كما أصبحت بعده، فهذه الصورة التي كانت سوداوية في نظر معظم اللبنانيين، وفي نظر الدول العربية وشعوبها قبل أن يبدأ هذا الحوار، تحوّلت بعده بشكل ملحوظ إلى صورة إيجابية برغم النقزة العربية من تصريحات أمين عام الحزب السيّد حسن نصر الله الأخيرة. وتدخله السافر في الشأن الداخلي لدولة البحرين ما استدعى استنكار مجلس جامعة الدول العربية، والطلب من الحكومة اللبنانية إصدار موقف واضح وصريح في هذا الخصوص.

فعلى الصعيد الداخلي إنتعشت الحركة الاقتصادية والتجارية بشكل ملحوظ ما يدل على أن الحوار بين الفريقين، وإن كان مساره لا يزال طويلاً ولم يصدر عن المتحاورين ما يدل على أنه دخل في عمق المواضيع الخلافية، وما زال في أولى خطواته، ترك أصداء ارتياح عند اللبنانيين كافة إنعكست بدورها على الأسواق التجارية، وعلى الحركة الاقتصادية مثلما انعكست برودة على الجو السياسي العام الذي كان ملتهباً قبل أن يبدأ هذا الحوار وكأن هناك حرباً إعلامية شرسة بين الفريقين تنذر بعواقب وخيمة على الشارعين السنّي والشيعي في حال حصول أي مواجهة حتى على المستوى الفردي.

ولاحظ المراقبون أن نسبة حركة التبادل التجاري والبيع والشراء ارتفعت بشكل ملحوظ في الأسابيع القليلة التي تلت اللقاء الأول بين فريقي تيار المستقبل وحزب الله، وإن كان البيان الذي صدر عن هذا الاجتماع جاء مختصراً جداً واقتصر على العناوين العريضة التي نوقشت في هذا اللقاء، ومنها على وجه الخصوص العنوان الأمني الذي يشكل الشغل الشاغل لجميع اللبنانيين.

والملاحظة نفسها تنسحب على الموقف العربي الذي رحّب منذ البداية بالحوار بين تيار المستقبل وحزب الله وشجّع على المضي به قُدماً بصرف النظر عما سيسفر عنه من نتائج، كونه يساعد على وقف الاحتقان في الشارع ويساعد على جعل لبنان مساحة آمنة تستقطب كالعادة السياح العرب الذين انكفأوا عنه بسبب سوء الوضع الأمني فيه وذهبوا يبحثون عن مكان آمن في بلاد الغرب يقضون فيه فترة النقاهة والتسوّق.

والملاحظة الأكثر أهمية التي مكن استخلاصها من هذا الحوار هو انعكاسها الإيجابي على الجو السياسي العام من خلال وقف التصريحات العالية السقوف، وهذا الهدوء الذي حلّ مكانها، والذي يعبّر عن رغبة الفريقين في التخفيف من حدة التشنجات حتى ولو اقتصر الأمر على وضع البلد في «ثلاجة» ريثما تصبح الساحتين الدولية والإقليمية مؤاتية لإنضاج التسوية السياسية بين كل المكونات اللبنانية، وفي مقدمها انتخاب رئيس الجمهورية الذي يساعد انتخابه في انتظام المؤسسات الدستورية وعودة الدولة إلى ممارسة مسؤولياتها في النهوض وضبط الأمن، وإبعاد شبح الحروب الداخلية الآتي من المحيط المجاور.

غير أن كل هذه التطورات الإيجابية ما كانت لتحصل لولا وجود تصميم من التيار والحزب على تقديم مصلحة لبنان على كل المصالح الشخصية.