IMLebanon

العمالقة والمسوخ في حركات النهوض التاريخية

الناس نوعان… اما كما تكونون يولّى عليكم. واما الناس على دين ملوكهم، أي على نهج حكامهم. وعرف لبنان هذين النوعين من الحكم، وكان في الغالب من فئة التجانس في صفات الاستكانة والخمول والفساد بين الحاكم والطابع العام للمجتمع. وكان في القليل النادر من نوع المجتمع الذي يتجه الى اتباع خطى الحاكم الذي يتطلع الى بناء دولة عصرية مثل الرئيس فؤاد شهاب، أو الحاكم الذي بشر بالاصلاح والتغيير مثل الرئيس ميشال عون اليوم. ولهذا السبب يجدر التوقف اليوم عن مهاترات النزال حول قانون الانتخاب، والتمسّك بالأمل وارادة انتاج قانون انتخاب جديد في العهد الجديد، يتماشى مع تطلعات الناس وطموحاتهم…

***

صحيح ان بعض الظواهر التي تطفو على السطح محبطة، وتشيع لدى البعض التشاؤم وخيبة الأمل… ولكن الحركات النهضوية والاصلاحية والتغييرية في التاريخ، عرفت هذين النوعين من ازدواجية المشاعر والمواقف، بين الأمل والتفاؤل، وبين الخيبة والتشاؤم. وهذه الظاهرة تبقى صحيحة سواء مع الحركات النهضوية الدينية أو الانسانية على مستوى البشرية، أو على المستوى القومي العام، أو حتى المستوى الأصغر الوطني. وفي خضم هذه المتغيرات الاجتماعية التاريخية بعد انطلاق الحركات النهضوية، يظهر العمالقة، كما يظهر المسوخ أو المنشقون المضللون.

***

اليهودية توزعت بين أرثوذكسية واصلاحية ومحافظة، وظهر فيها لاحقا مسوخ الفكر الصهيوني، ومسوخ المحافظين الجدد اليوم في أميركا. وفي المسيحية كان تلامذة المسيح وعلى رأسهم القديس بطرس، كما ظهر من بينهم يهوذا. وفي الاسلام ظهر العمالقة في مرحلة الخلفاء الراشدين، كما ظهرت الردّة لاحقا بعد الاسلام، وكما يظهر اليوم مسوخ الفكر التكفيري. وحتى في الحركة النهضوية الاشتراكية والشيوعية ظهر بعد لينين عمالقة ومسوخ، وستالين وتروتسكي وهكذا…

***

ظهرت في لبنان حركة اصلاحية شهابية في ستينات القرن الماضي وسرعان ما حاصرها وقضم آثارها، سياسيون من محترفي الطائفية والسلطة. وتظهر اليوم حركة اصلاحية متواضعة لا تزال في بدايتها مع الرئيس ميشال عون الذي ترفع عن الحزبية منذ وصوله الى الرئاسة، وارتضى لنفسه ان يكون بي الكل، وترك التيار الذي أطلقه، بقيادة أبناء التيار أنفسهم. ولم يظهر عمالقة حتى الآن في التيار، أما المسوخ فالحكم فيه متروك للزمن والتاريخ.