شيءٌ ما يجري في المنطقة، وحول المنطقة، من شأنه أن يكون له تأثيره على الوضع العام في لبنان.
وهذا الشيء الذي يحصل هو كبير وبكلِّ المقاييس لأنَّه يتناول الأزمة السورية، ومعروفٌ كم أنَّ هذه الأزمة تُكبِّل الوضع اللبناني لجهة الإستحقاقات فيه.
فلبنان الغارق في تفاصيله اليومية وفي يومياته التي لا تنتهي، سها عن بال كثيرٍ من المسؤولين فيه والسياسيين أيضاً أنَّ هناك تحضيرات لمحاولة جديدة لمعالجة الحرب السورية.
هذ المحاولة ستتمُّ على يد الروس حيث قررت موسكو دعوة نحو 25 شخصية سورية إلى لقاء غير رسمي يومي 26 و27 كانون الثاني المقبل، على أن يعقبه لقاءٌ بين وفد المعارضة وممثلي الحكومة يومي 28 و29 من الشهر ذاته أي مباشرةً. المعارضة سيرأس وفدها رئيس الإئتلاف الوطني السوري هادي البحرة، فيما يرأس وزير الخارجية وليد المعلم وفد النظام. هذا اللقاء المرتقب هو الثالث على هذا المستوى بين جنيف – 1 وجنيف – 2 فهل تكون الثالثة ثابتة ولكن هذه المرة من موسكو وليس من جنيف؟
المكان عادةً له أهمية في المفاوضات، فأن تُعقَد المفاوضات في موسكو، فهذا يعني أنَّ فرص نجاحها تنطلق من الخمسين في المئة، خصوصاً أنَّ روسيا تتمتع بعلاقات إستراتيجية مع دمشق، وما كانت لتُقدِم على هذه المغامرة لو لم تدرس خطواتها بعناية، وهذا التطور جاء بعد زيارة نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف لكلٍّ من سوريا والعراق ولبنان، ويبدو أنَّ هذه الجولة شجعت على الدعوة إلى مثل هذه اللقاءات.
ثمة مَن يقول أنَّ موسكو أيضاً بحاجةٍ إلى إعطاء حليفها السوري، المزيد من هامش المناورة، فإلى أيِّ مدى يمكن أن يكون هذا الكلام صحيحاً؟
المراقبون يعتبرون أنَّ موسكو جادة في مسعاها، فبعد أزمتها مع أوكرانيا، وبعد تراجع أسعار النفط فإنَّ روسيا تتطلَّع إلى حلٍّ سياسي في سوريا، وما يشجِّع على هذا الإستنتاج حركة الموفدين لمسؤولين عرب إلى موسكو وطرح أفكار ملموسة لحلٍّ سياسي في سورية.
أين يقع لبنان من كلِّ هذه التطورات؟
وهل من مواكبة محلية لها؟
يبدو ان صحوة الحوارات قد انطلقت، وهي بدأت بين تيار المستقبل وحزب الله، من دون أن يكون النائب وليد جنبلاط بعيداً عنها، على أن تُستَكمَل بالحوار بين رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ورئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع.
بالنسبة إلى الحوار الأول، فإنه سيُستأنف على أبعد تقدير في الثلث الأول من كانون الثاني المقبل، بالرعاية ذاتها من الرئيس نبيه بري وبدرايةٍ كاملة من النائب وليد جنبلاط، واللافت في هذا الحوار أنَّ جميع الأطراف حريصون على إنجاحه حيث يعتبرونه عيِّنةً مطلوبة للحوار المرتقب بين السعودية وإيران.
وبمقدار ما يتقدَّم هذا الحوار، بالمقدار ذاته يمكن إعتباره عاملاً تشجيعياً للحوار بين العماد عون والدكتور جعجع. فهل تبدأ السنة بالحوارات لينتج عنها ربيع الإستحقاقات؟
لننتظر.