تتمايز زيارة مسؤول وزارة الخارجية الفرنسية لشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا جان فرنسوا جيرو الى لبنان، بخصوصية لبنانية تفوق زيارة الموفد الروسي ميخائيل بوغدانوف على الرغم من ان بوغدانوف سجل ارقاما قياسية في لقاءاته مع الزعامات والقيادات اللبنانية، الى تفجيره قنبلة سياسية عندما اكد على دعم روسيا لاعلان بعبدا، ولكن زيارة جيرو تقول مصادر ديبلوماسية، لا تأتي للاستكشاف، والاستطلاع في الربوع اللبنانية على اعتبار انه على بينة واضحة من سائر الملفات اللبنانية، وبالتالي باريس تقوم بدور فاعل وبتفويض اقليمي ودولي لحل معضلة انتخابات رئاسة الجمهورية وخصوصا ان الولايات المتحدة الاميركية فوضتها بهذا الشأن علنا، ناهيك الى ما لدى فرنسا من اطلاع كامل على الخصوصية السياسية والطوائفية وكل ما يتعلق بلبنان بصلة.
واشارت المصادر الى ان فرنسا «الام الحنون» للبنان غابت عنه لسنوات بفعل الدور الاميركي، ولكنها اليوم تعود اليه من الباب الواسع، لا سيما وانها من سيسلح الجيش اللبناني من خلال الهبة السخية التي قدمتها المملكة العربية السعودية للمؤسسة العسكرية، وصولا الى انها ومنذ سنوات بدأت تتوغل مجددا في الاوضاع اللبنانية وقد احتضنت في «سان كلو» لقاء حواريا لاقطاب النزاع اللبناني من فريقي 14 و8 آذار وصولا الى الزيارات الاخيرة التي قام بها الرئيس سعد الحريري لقصر الاليزيه والامر عينه مؤخرا للرئيس ميشال سليمان وشخصيات لبنانية اخرى والحبل على الجرار في ظل «العودة المظفرة» «للعطر الباريسي» الى الداخل اللبناني.
وعليه تضيف المصادر فان فرنسا وفي الاونة الاخيرة كثفت اتصالاتها مع طهران وقام الضيف اللبناني جيرو بزيارة طهران حيث كان الطبق الرئيسي الملف الللبناني وضرورة ان تلعب ايران دورا ايجابيا عبر الضغط على حلفائها من اجل تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية، في حين ان اللقاءات السعودية – الفرنسية لن تتوقف، وشهدت في الاونة الاخيرة تطورا بارزا وعلاقة مميزة ومقاربة للوضع الاقليمي ان على مستوى الحرب السورية والنظرة المشتركة للنظام السوري، وصولا الى الملف اللبناني، كذلك الزيارة التاريخية للرئيس فرنسوا هولاند الى الرياض ولقائه بخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وبالتالي زيارة ولي العهد السعودي الامير سلمان بن عبد العزيز الى باريس، ما يعني ان فرنسا قادرة على ايجاد تسوية للازمة اللبنانية.
وفي هذا السياق، تقول المصادر ان جيرو يحمل معه افكارا قد تتحول لاحقا الى حلول وتسوية بشأن الانتخابات الرئاسية بعدما حصل على اشارات ايجابية اقليمية الى التفويض الاميركي لباريس لكل ما تضطلع به بشأن لبنان وخصوصا على مستوى الاستحقاق الرئاسي، وبالتالي الدعم الاوروبي تحصيل حاصل، الى قبول ودعم عربي لهذا الدور، ما يعني ان هذه الزيارة ذات اهمية ويعول عليها ولكن الحل ليس سريعا بل يطبخ على نار هادئة لان ملفات المنطقة تخطف الاضواء وعلى وجه الخصوص ما يجري في سوريا والعراق واليمن، انما هنالك اجواء عن مقاربة اقليمية ودولية حول لبنان تقضي بفصل ملفات المنطقة وازماتها عن الوضع اللبناني وتحييد هذا البلد عن النيران السورية. وفي غضون ذلك، فان هذا الدور وتلك المساعي تنحصر وفق المعلومات المتوفرة بانتخاب رئيس للجمهورية وايضا الاجواء التي تنقل بالتواتر وعبر الاقنية الديبلوماسية ومن المحيطين بالدور الفرنسي وزيارة جيرو، فان الحركة تتبلور حول امكانية انتخاب رئيس توافقي وان لم يكن المسؤول الفرنسي يحمل معه اسماء بل افكارا وتمنيات جمعها عبر القراءة لهذا الاستحقاق بان يكون الرئيس توافقيا.