Site icon IMLebanon

جيرو يُعاين على خط الرياض – طهران عقباتٍ تقطع الطريق إلى بعبدا

منذ أن عبَر اللبنانيون المهَل الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية، وبعد 17 جلسة، بات انتخابه ورقة في ملف المنطقة. لذلك يُراهن اللبنانيون على توافق إيراني – سعودي يُنتج رئيساً جديداً ولَو في غفلة من الزمن، لكنّ كل المؤشرات تشير إلى أنّ العلاقة بين العاصمتين لا تفتح الطريق الى إنهاء الشغور في قصر بعبدا. فما هي الدلائل؟

تُراقب المراجع السياسية والديبلوماسية المهتمّة بإنهاء الشغور الرئاسي بقلق متزايد التحرّكات الدولية التي يمكن أن تصبّ في هذا الإتجاه. وهي ترصد بدقة متناهية حركة المواقف السلبية المتبادلة بين طهران والرياض نتيجة الإتصالات المقطوعة بينهما.

وما زاد الطين بلة، تبلّغ الأوساط اللبنانية فشَل مهمّة الموفد الفرنسي فرنسوا جيرو في طهران، فأضاف هذا الفشل ما يكفي من عناصر وأجواء سلبية حصَدها المبعوث الخاص للرئيس الروسي نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف في جولته الأخيرة على الشرق الأوسط.

وما عَزّز الشكوك يعود الى الحملات المتبادلة بين العاصمتين السعودية والإيرانية على أعلى المستويات. فالرئيس الإيراني حسن روحاني حذّر القيادة السعودية من أنّ استمرارها في خفض أسعار النفط، أو على الأقل التمنّع عن وضع حدٍّ له، سيترك نتائج كارثية على المملكة وحلفائها أكثر من انعكاسه سلباً على الإقتصاد الإيراني، إذ إنّ العقوبات المفروضة عليه وضعت الخسائر التي مُنيت بها طهران نتيجة هذا الإنخفاض في نهاية سُلّم ما قد يُهدّد اقتصاد بلاده.

وعلى مستوى مماثل، تأتي القراءة الديبلوماسية لمواقف الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله الذي قاد في الأسبوع الأخير حملة سياسية قاسية على النظام السعودي من دون تسميته، عندما تناول الدور السلبي لدولة خليجية في الأزمة السورية.

في وقت رفَع لهجته التصعيدية تجاه نظامَي البحرين واليمن مع ما تعنيه هاتان الدولتان لجارتهما الكبرى، السعودية. وهو ما قاد الى مواجهة عنيفة بين دول الخليج العربي والحزب على خلفية ولائه لإيران، فهما بالنسبة الى مختلف أنظمة دول مجلس التعاون الخليجي باتا شريكين في كل شيء.

وفي غياب الحملات السعودية العلنية على إيران و»حزب الله»، تكفي متابعة الأجواء الخليجية السلبية تجاههما لقراءة الموقف السعودي. ولعلّ المناقشات التي سادت الإجتماع الإستثنائي لوزراء الخارجية العرب أمس الأول في القاهرة، ومشروع قرار إدانة تصرّفات الحزب في البحرين واليمن، تكشف حدة المواقف السعودية منه.

والى الحملات التصعيدية التي استثنَت الساحة اللبنانية من أن تكون مسرحاً لها بقرار واضح وصريح، لا تناقش العاصمتان الآن أيّ ملف أساسي في لبنان سوى ما يؤدي الى استقرار سياسي وأمني: الأول من خلال الحرص على وحدة حكومة الرئيس تمام سلام التي تمارس صلاحيات الرئيس المفقود وكالة بالحد الأدنى، والثاني لضمان السلم الأهلي وهو ما يترجمه الحوار الذي انطلق بين تيار «المستقبل» و»حزب الله». والمعروف والثابت أنها خطوات لا تلامس مرحلة انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

وما عَزّز الإعتقاد بأنّ الملف الرئاسي معلّق على أعلى الرف إلى أجل غير مسمّى، وسط انشغال المسؤولين في ملفات لا تقارب بأي شكل من الأشكال هذا الإستحقاق، هو اكتفاء الجميع بترداد أنباء الفشل الذي مُني به جيرو في إيران، ونقل أصداء ذلك الى القيادة السعودية التي التقاها مطلع الأسبوع الجاري.

كما التقى الرئيس سعد الحريري قبل ايام بعدما تبلّغ أنّ مفتاح الإستحقاق الرئاسي هو في الضاحية الجنوبية تحديداً، ولا مانع من أن تكون النسخة الثانية منه في الرابية.

ولم تستغرب المراجع المعنية ما حملته المعلومات الواردة من باريس وطهران، فقد تبلّغ بوغدانوف المضمون نفسه في جولته السابقة التي شملت بيروت وطهران، ما يؤكّد أنّ كل ما يحصل على خط بيروت – الرياض – طهران لن يفتح الطريق الى قصر بعبدا في المدى المنظور، وما على اللبنانيين سوى الإنتظار وإمرار الوقت الضائع بملفات ردم الحوض الرابع في المرفأ وطمر النفايات في الناعمة، وما بينهما طمر رؤوسهم في الرمال السورية المتحركة