IMLebanon

جيرو حرّك المياه الرئاسية الراكدة وأداة التعطيل لبنانية بإمتياز

لبنان على حافة الهاوية بعد 9 أشهر من تعايش اللبنانيّين مع الشغور الرئاسي

جيرو حرّك المياه الرئاسية الراكدة وأداة التعطيل لبنانية بإمتياز

دول عربية كبرى تتفتّت وتتقسم ولبنان لا يتمتّع بالحصانة لمقاومة الفتن

أصبح عمر الشغور في رئاسة الجمهورية تسعة أشهر، وبالتحديد مضى على الشغور 258 يوماً، ولا يوجد في الأفق ما يشير إلى إمكانية وضع حدّ لهذا الشغور، الذي يسعى البعض ليربطه بالحلول السياسية لأزمات المنطقة، سواء أكانت أزمة الملف النووي الإيراني، أم الأزمة السورية الأمنية – السياسية صاحبة العمر المديد.

القليل من اللبنانيين على علم بأن عمر الأزمة الرئاسية الشاغرة بات تسعة أشهر، فغالبية اللبنانيين ومنهم سياسيون أوقفوا «العدّ» للشغور الرئاسي.

فالسياسيون على علم بأن معطيات «التعطيل» هي الغالبة، وعوامل إمكانية انتخاب رئيس للجمهورية مهزومة ومختفية، وعليه فإن الشغور الرئاسي بات في آخر سلّم أوليات السياسيين.

أما اللبنانيون فقد «تاه» الشغور الرئاسي، أو الأزمة الرئاسية في جبل أزماتهم الاقتصادية والأمنية والسياسية المتراكمة.

فالمشهد الخالي لقصر بعبدا.. من الرئيس ومن الزوار رغم قبحه، ودلالاته الخطيرة، لم يعد يأخذ ولو حيّزاً بسيطاً من اهتمامات المواطن، المربك في البحث عن تدبّر أمور واحتياجات أسرته المعيشية، التي لم تتحرك رغم انخفاض سعر صفيحة البنزين 15 ألف ليرة، فالمواطن الذي لم ينزل إلى الشارع للمطالبة بخفض أسعار السلع الاستهلاكية بعد انخفاض أسعار الوقود من مازوت وبنزين كيف سينزل إلى الشارع ليشكل حالة ضاغطة على القيادات السياسية «المعطِّلة» لتحريك عجلة قطار انتخاب رئيس البلاد؟

 والظاهرة الخطيرة أن اللبنانيين ما زالوا يصفقون لقادة «التعطيل» ويسيرون في ركبهم، رغم كونهم أصبحوا «فراعنة» جُدد (قيل يا فرعون من فرعنك لتستبد بالبشر؟ قال: تفرعنت وما حدا ردّني..!!).

المنطقة كلها تشتعل بنار «الفتنة» الطائفية، الفئوية، وهناك بلاد كبيرة تتغيّر معالمها الديموغرافية والجغرافية، وباتت أقرب إلى التجزئة والتقسيم، فبعد انفصال جنوب السودان مسار التقسيم في هذا البلد العربي مستمر «فدارفور» على طريق الانفصال بعد الجنوب، وليبيا معرّضة لتتجزأ لعدة دول، وكذلك العراق، وسوريا، واليمن، والقيادات السياسية اللبنانية أمام هذا المشهد العربي المأساوي ماذا تنتظر؟

 لا شك أنه بعد أربع سنوات على اشتعال النيران في البلاد العربية، الوضع في لبنان ما زال مقبولاً، فرغم الحدود التي تربطنا بالشقيقة سوريا والبالغة حوالى 200 كلم، الا أن لبنان ما زال صامداً امام عوامل الفتنة والانهيار، والخسائر مقبولة إلى حدّ ما.

صحيح أن لبنان لم يقع في الحفرة الا انه بات على حافة الهاوية، ومن أول الإجراءات الضرورية لإبعاده عن حافة الهاوية انتخاب رئيس للبلد.

هناك من يرى أن انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان بات مرتبطاً بأزمات المنطقة، وهي:

1 – مفاوضات الملف النووي الإيراني مع أميركا والغرب.

2 – انتهاء الأزمة السورية.

3 – التفاهم الإيراني – السعودي.

ولكن هناك من يرى أيضاً أن «العقدة لبنانية» وليست لا إقليمية ولا عربية، ففي حال اتفقت القيادات السياسية اللبنانية على انتخاب الرئيس، فهل سيقف «الخارج» مانعاً لذلك؟!

هذا عربياً ودولياً، اما لبنانياً، ففي حال توافق المسيحيون على مرشّح فهل ستقف القيادات الإسلامية لتحول دون ذلك؟ هذا مع العلم أن جميع القيادات الإسلامية أعلنت أكثر من انها مع ما يتوافق عليه المسيحيون مهما يكن انتماء المرشح.

هناك مَن ينتظر نتائج حوار ميشال عون – سمير جعجع، ولغاية الآن لم يظهر ما يُشير إلى أن النتائج قريبة، ولكن ماذا لو طال عمر حوار التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية؟ هل ينتظر اللبنانيون سنوات؟ فلبنان على حافة الهاوية، و«داعش» بات أقرب إلى الحدود اللبنانية، بل بات على الأبواب، ولبنان جزء من استراتيجية «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ولبنان أحد بلاد الشام.

وهل توجد ضمانات لعدم حدوث مفاجآت أمنية كبيرة، والبلد في ظل حكومة أشبه ما تكون بحكومة تصريف أعمال، فتقضي على ما بقي من استقرار؟

 ما يعلنه ميشال عون حول ضرورة مجيء رئيس قوي، كلام لا علاقة له بتاريخ لبنان وطريقة مجيء رؤسائه، حيث لم ينتخب منذ 1943 ولغاية الآن المسيحي القوي شعبياً. ففي عام 1970 توافق الاقوياء، بيار الجميل، كميل شمعون وريمون إده على انتخاب مرشح لا يتمتع بشعبية واسعة هو الرئيس سليمان فرنجية. ولماذا لا يتكرر المشهد اليوم من الاقوياء: ميشال عون، سمير جعجع، الرئيس أمين الجميل وسليمان فرنجية لوقف هذه المهزلة القائمة منذ تسعة أشهر، ومن ثم في ظل المعادلات القائمة في لبنان لا يمكن لأي رئيس أن يكون قوياً؟

 ما هو مستغرب أن الكلام حول الشغور الرئاسي وأخطاره التي تطال المسيحيين والمسلمين في لبنان بات من الماضي عند اللبنانيين، ويشكر المبعوث الفرنسي جان فرنسوا جيرو على مسعاه، فهو جاء ليحرّك المياه الرئاسية الراكدة، ولكن مما يؤسف له أن «بعض» اللبنانيين يتباهى بأنه اسمعه ثوابت فريقه، ولذلك عاد جيرو إلى بلده خالي الوفاض.

إلى متى هذا الاستهتار باستقرار اللبنانيين وبوحدة بلدهم..؟