IMLebanon

جيرو أوحى بالتفاؤل… فهل فرنسا قادرة؟

أوحَت جولة الموفد الفرنسي جان فرنسوا جيرو بالكثير من التفاؤل، خصوصاً بعدما قدّمَ عرضاً سياسياً إقليمياً ودولياً بلباقة ديبلوماسية فرنسية، يُحاكي فيه حاجة اللبنانيين إلى مَن يساعدهم على التفاهم لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، بعدما فقدوا أوراقَهم في الاستحقاق لمصلحة معادلةٍ إقليمية – دولية. فما هي المعطيات التي قاد إليها جيرو؟

تمنّى جيرو على القيادات اللبنانية التي التقاها، التكتّمَ على ما سيطرحه وعدمَ تسريب أيّ من مراحل السيناريو الذي سيُقدّمه، ملمّحاً إلى أنّ في هذه السرّية ما يضمَن الأهداف التي يعمل لتحقيقها منذ أسابيع عدّة، وتحديداً منذ أن كلّفه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مهمّة البحث بين بيروت وطهران والرياض وعواصم أخرى عن تفاهم يؤدّي إلى انتخاب رئيس لبناني جديد.

وبعيداً من منطق التسريب واتّهام الموفد الفرنسي بالتسويق لهذا المرشّح أو ذاك، والقول إنّه يحمل لائحةً من ثمانية أسماء، وأخرى من عشرة خارج ما هو مطروح على مستوى المرشّحين الأقوياء الأربعة الموارنة، فقد أكّد أكثر من شخص التقوه أنّه لم يذكر أيّاً من الأسماء المطروحة أو تلك الموضوعة على لائحة المرشحين التوافقيّين الذين يمكن أن ينالَ أيّ منهم بعد التوافق عليه النصابَ القانوني والدستوري المتمثل بمشاركة ثلثَي أعضاء المجلس النيابي.

وزاد البعض ممَّن التقاه، أنّ اجتماعات جيرو كانت قصيرة نسبياً ليتمكّن من إكمال جولته الواسعة التي استغرقَت يومين فقط، إذ إنّ فهمَه العميق لحجم المشكلة وخريطة مواقف الأطراف اللبنانية وفّرَ كلاماً كثيراً، فكان في موقع مَن يستجوِب زائرَه لا العكس. فطرَح أسئلةً محدّدة ودقيقة جداً، كمَن يستكشف بوّابات ومسارب إلى تفاهم لبناني داخلي يُلاقي تفاهماً خارجياً إقليمياً ودولياً يُمسِك بناصيته من بوّابتي طهران والرياض.

وفهمَ أحدُ الأقطاب الذين التقوا جيرو، أنّه يملك أوراقَ قوّة تُمكّنه من تكوين صورة لبنانية تفصيلية تُحاكي ما لديه من سيناريوهات يمكن أن تؤدّي الى تفاهم لبناني – لبناني لنقلِه إلى الجهات الإقليمية التي باتت تُمسك بقرار فئات لبنانية واسعة تتحكّم بالاستحقاق من بوّابة قدرة البعض على العرقلة بمجرّد تعطيل النصاب، وهو أمر يوفّر سلاحاً لمختلف الأفرقاء اللبنانيين متى اتّحدوا بالحدّ الأدنى المتوافر من تفاهُم على مستوى قوى «8 أو 14 آذار» على حدّ سواء.

فالطرَفان قادران على العرقلة وسط فشلِ أيّ منهما في توفير نصاب الثلثين تأكيداً للمعادلة السلبية التي رسمَتها مواقف اللبنانيين وتحمل ما يكفي من تشكيك في الحلفاء قبل غيرهم من الأضداد.

وما أجمَعَ عليه الذين التقوا جيرو، هو أنّه يبحث عن توافقٍ على مبدأ الخروج من نفَق المرشّحَين الأساسيَّين اللذين طوّقا الحركة الرئاسية. فنظريتُه واضحة عندما يقول إنّ مجرّد التمسّك بمرشحَين إثنين يجعل وصولَ أيّ منهما الى قصر بعبدا مستحيلاً، في ظلّ فقدان الإجماع الميثاقي المطلوب قبل النصاب.

ولذك طلب جيرو التوسّعَ في خيارات المرشّحين طالما إنّ المعادلة السلبية الداخلية ألغَت عدداً منهم، وأنّ الاعتراف بهذا الواقع يعيد اللبنانيين الى مساحة من المنطق الوطني الذي يستدعي التفاهم على رئيس وسطي قادر على جمعِ أطراف اللعبة في هامشٍ من حركة وسطية تُنهي الشغورَ في القصر الجمهوري.

وبناءً على ما تقدّم، اعتبرَ أحدُ الأقطاب الذين التقوا جيرو، أنّ بابَ التسوية مفتوح على تفاهم إقليمي يُظلّل تفاهماً لبنانياً داخلياً، قد يؤدّي إلى انتخاب رئيس جديد، وأنّ انتظار الأزمة السورية أو أيّ حلّ ما ينعكس على الإستحقاق الرئاسي وَهمٌ كبير ورهان خاطئ. وأنّ من يعتقد أنّه قادرٌ على العرقلة إلى النهاية سيكتشف متأخّراً أنّه ارتكبَ جريمة ما في حقّ لبنان وموقع رئاسة الجمهورية واللبنانيين جميعاً.

وعليه، غادرَ الموفد الفرنسي متعهّداً استكمالَ اتصالاته بين طهران والرياض، متمنّياً أن لا يعود إلى بيروت إلّا لتهنئةِ الرئيس. وتعليقاً على هذا التمنّي، قال أحد الأقطاب: «تمنّينا له الخير، ولكن هل لفرنسا القدرة على إخراج لبنان من هذا النفَق؟ من دون أن نتجاهل أهمّية ما أنجزَه في «لقاء الضاحية الجنوبية»؟ وهل كان إيجابياً في حجم ما لقيَه من ترحيبٍ في بقيّة المواقع؟