تتقاطع المعلومات عند تسجيل غير كرة في مرمى «التعطيل». وإذا صحّ بعض هذه المعلومات فمن المتوقع أن يكون شهر تشرين الأول الجاري هو شهر التأليف. وربما خلال أيام معدودة كما أوحى الرئيس سعد الحريري بعد زيارته قصر بعبدا عصر أمس.
وهناك إجماع بات متوافراً لدى أطراف «اللعبة» جميعهم على أن إستمرار تعطيل تأليف الحكومة لن يكون في مصلحة أي طرف، حتى وإن كان قد خُيّل إليه في وقت من الأوقات أن ثمة ربحاً ينتظره.
في هذا السياق يقول ديبلوماسي غربي عتيق وعريق المعرفة بشؤون لبنان وأهل السياسة فيه: غريب أمرهم… إنهم لا يتعلمون. ويضيف: لم يتعلّموا من تجارب الماضي ولن يتعلموا. وأنا أسميهم «خريجو مدرسة التجاذب» إذ إنهم يظلون يتجاذبون أطراف مسألة ما، هذا يشدّ باتجاه وذاك يشد بإتجاه آخر الى أن تسقط الجدوى من المسألة، وإلى أن تنزف أكفهم وأناملهم جراء شدّة التجاذب… ثم يمشون بما كان يجب أن يمشوا به من البداية. وبالتالي فإنهم يصلون مرهقين «وليس لهم بالمنية».
وينهي الديبلوماسي الغربي العريق «مطالعته» هذه بضرب أمثلة عديدة ليشير الى «ضرورة منح معظم السياسيين عندكم (يقصد عندنا في لبنان) شهادة عليا في تضييع الفرص. إنهم عباقرة تضييع الفرص بامتياز».
طبعاً لم نكن ننتظر شهادة من أجنبي (وإن كان يُحب لبنان أكثر بكثير من الكثيرين…) لندرك أننا أساتذة في هدر الوقت وفي تضييع الفرص، وفي استهلاك قدراتنا هباء منثوراً دونما أي مردود حقيقي خصوصاً على الوطن. وبالذات لأننا نعرف أن هذه الشهادة لن تكون في «حسن السلوك» في أي حال من الأحوال.
وربطاً بما أوردناه في مطلع هذه العجالة، نسأل: هل استنفدت الأقوام، عندنا، طاقتها كاملة في هدر الوقت، وتفويت الفرص، وحتى في القدرة على المناورة؟!.
يبدو أن هناك شيئاً من هذا القبيل. وأننا على أبواب إنتاج حكومة إتحاد وطني قد لا تكون بعيدة عن الحكومة الحالية إن من حيث العدد أو من حيث القوى التي تتمثل فيها… وإلى حد كبير.
وإذا مضى كل شيء في مساره فقد بات واضحاً أنّ اللاعبين المحليين، ووراءهم من يلعب من الخارج لم يعد في أيديهم حيلة. وليس صحيحاً أن الروح القدس قد حلّ عليهم هابطاً من عليائه. إنما الصحيح إن الهوى «غلاّب». والهوى هنا هو عشق الكراسي، وأيضاً الشوق الذي برّح بهم الى السلطة!
أضف الى أن «على الكتف حمّالاً» مقيماً دائماً وأبداً، إنما هذه المرة تبدو إقامته ثقيلة جداً. إنه «الإسرائيلي» الذي يبدو أنّه يتجه لأخذ الأمور مع لبنان الى وجهة المواجهة الصدامية التي تظهر نذرها للعيان بوضوح لا يحتاج الى كبير تحليل أو كبير إجتهاد.
فهل بتنا على أهبة إصدار المراسيم الحكومية على قاعدة «لا يموت الديب ولا يفنى الغنم»؟ ربّـما مع مفارقة بسيطة لا تخلو من التمثل بـ«شرّ البلية ما يضحك». إذ إن الأقوام جميعاً يصرون على أنهم نعاج ولا علاقة لهم بالذئب من قريب أو من بعيد. ويعتبرون أنهم «تنازلوا» (على موضة الكلام على التنازل الدارج هذه الأيام) فنزلوا من سماوات الملائكة إلى مراعي الأغنام!