Site icon IMLebanon

تنازلوا للوطن

التنازل من شخص لشخص، او من دولة لدولة، او من مهزوم لمنتصر، او من صاحب حق، لمغتصب حق، امر صعب ومؤلم ولا يتم بسهولة وسلاسة، ولكن التنازل من اجل الوطن وسلامته، وسلامة الشعب، هو التنازل المقدر والمفروض والمطلوب والمنتظر من الحوارين القائمين اليوم، الاول بين حزب الله وتيار المستقبل، والثاني بانتظار اكتمال استعداداته بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، وجميع اللبنانيين الذين ابدوا ارتياحا ملحوظا وكبيرا لبدء التواصل بين الخصوم، لا يريدون حوارا عاقرا، ينتهي بتبني حلول من الخارج، بل يريدون حوارا يؤتي ثمرا لبنانيا، قادرا على انقاذ لبنان ودولته وصيغته ودستوره وكيانه ومستقبله في هذه الظروف المصيرية الصعبة، التي يواجه فيها خطرين كبيرين، كل واحد يزاحم الاخر، ايهما اكثر وحشية ودموية، عنيت بهما اسرائيل والارهاب الديني التكفيري، لذلك من واجب المتحاورين ان يحضروا ارضية صالحة لقيام حوار وطني جامع، يكرس ما اتفق عليه المتحاورون او يضاف اليه ويعدل فيه ما يجب تعديله، من هنا، يصبح التمسك الجامد بمواقف وشعارات سابقة، قنبلة موقوتة، لا يعرف متى تنفجر بالحوار وبالسلم الاهلي وبالبلد، بحيث تنقلب نعمة الحوار ليس الى نقمة بل الى جريمة موصوفة ضد الوطن خصوصا في ظل المعطيات الايجابية الواضحة في تصرف الافرقاء، وفي مفهومهم المستجد للوضع اللبناني والداخلي، وتسليم الجميع بعدد من الاقتناعات الجديدة التي تفتح الطريق امام حوار ناجح وتسهّل ديمومته.

***

قوى 14 اذار وخصوصا النافذة منها، تتفهم على ما اعتقد، ان وجود قوة عسكرية بحجم قوة المقاومة الاسلامية، مفيدة في الظروف الامنية الصعبة، في دعم الجيش والقوى الامنية الشرعية الاخرى، بمواجهة التنظيمات الارهابية التكفيرية، الرابضة على حدودنا الشرقية، ومواجهة اسرائيل في حدودنا الجنوبية.

فان طرح رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لرؤيته كرئيس مؤتمن على السيادة والدستور، وكقائد سابق للجيش، للاستراتيجية الوطنية القادرة على حماية لبنان في الحدود وفي الداخل، في جلسات الحوار، فتح امام حزب الله باباً واسعاً للدخول منه الى حل الخلافات الداخلية المعقدة. واذا كانت هناك تنازلات في قوى 14 آذار، لم تقدمها بعد، وهي التي قدمت الكثير منها، فليعلن عنها ليتم التفاهم عليها، لان هموم الناس في هذه الايام، هي الامن والاستقرار، وملء الفراغ وايجاد الحلول الناجعة للوضع الاقتصادي، الذي سيتعافى حكما بعد الاتفاق، بوجود ملايين الغرباء على الارض اللبنانية يقاسمون اللبناني لقمة العيش وحقه في العمل، والبنى التحتية، ومالية الدولة.

من المهم والمفرح في آن، ان يكون في لبنان، جيش وطني قوي، ومقاومة وطنية قوية، بدلا من الوية طائفية … ومن دون تنازل للدولة لن ينجح اي حوار.