Site icon IMLebanon

إعطاء إنطباع بإستمرار نفوذ نظام الأسد وإيران في لبنان وتصفية حسابات مع عون وفريقه السياسي

إعطاء إنطباع بإستمرار نفوذ نظام الأسد وإيران في لبنان وتصفية حسابات مع عون وفريقه السياسي

إعتراضات برّي على إنعقاد القمّة لم تؤدِّ إلى عودة النظام السوري للعرب ولا في تسريع كشف ملف الإمام الصدر

 

 

«لم تكن حجة الميليشيات «المعلنة» مقنعة لأكثرية اللبنانيِّين، لأنها كانت لإعطاء انطباع للعرب بأن نظام الأسد ما يزال صاحب نفوذ سياسي مؤثِّر بالداخل اللبناني..»

لا شك أن قيام عناصر حزبية من حركة «امل» التي يرئسها رئيس المجلس النيابي نبيه برّي بإنزال واحراق العلم الليبي من بعض شوارع مدينة بيروت، لرفضهم مشاركة ليبيا في القمة العربية الاقتصادية قبيل أيام من انعقادها بحجة عدم تعاون النظام الليبي الجديد في المساعدة على كشف مصير الامام موسى الصدر، كان الواجهة التي تخفي وراءها أكثر من هدف سياسي، بعضها معلن ومعروف، والآخر مستتر ستكشف الأيام المقبلة عنه، لأن تداعيات هذه الاعتراضات بدأت تتكشف ولا يُمكن اخفاؤها مهما استعملت من حجج واهية وواجهات مموهة لاخفاء هذه الأهداف.

أولى هذه الأهداف، تقزيم قمّة بيروت وتفريغها من مضمونها السياسي والاقتصادي، أو حتى تعطيلها كليّاً، بسبب عدم دعوة النظام السوري للمشاركة فيها ولإظهار مدى نفوذ هذا النظام بالتحالف مع إيران على الساحة اللبنانية بالرغم من خروج الجيش السوري من لبنان بكل ما قام به من مذابح وتهجير وتدمير ضد أبناء الشعب السوري على مدى السنوات الماضية، ولإحداث أكبر قدر من التهويل والتخويف لدى الزعماء والقادة العرب الذين كانوا يرغبون بالمجيء للمشاركة بالقمة.

ثانياً: وضع العصي في دواليب الرئاسة الأولى التي تعمل على تنظيم وعقد هذه القمة باعتبارها من مهماتها تمهيداً لافشالها ولمنع تحقيق أي إنجاز على هذا المستوى، باعتبارها لم تقم بما يتوجّب عليها لكسر الحصار العربي عن النظام السوري والقيام بدعوته للقمة كما تردّد عن لسان أكثر من مسؤول بهذا الخصوص بالرغم من عدم واقعية مثل هذا القرار الذي لا يعود للبنان تقريره بمفرده، وكذلك تندرج هذه الاعتراضات في إطار تصفية الحسابات بين الرئاستين الأولى والثانية على خلفية انتخابات رئاسة الجمهورية والتي ما تزال تتفاعل حتى اليوم بالرغم من مرور أكثر من سنتين على هذه الانتخابات.

ماذا حققت خطوة الاعتراض على عقد القمة سياسياً أو بأسلوب إحراق العلم الليبي؟

لم تكن الحجة المعلنة لهذه الممارسات الميليشيوية المعهودة مقنعة لأكثرية اللبنانيين باستثناء قلة حزبية أو مسكونة باسترضاء نظام الأسد وإعطاء الانطباع لدى العرب بأنه ما يزال صاحب نفوذ سياسي مؤثر بالداخل اللبناني، لأن النظام الليبي الجديد الذي ما يزال يتخبّط لتكريس سلطته في ليبيا، هو من اسقط نظام القذافي المسؤول المباشر عن إخفاء الامام موسى الصدر، في حين كان بالإمكان بذل مجهود أكبر لإبقاء خطوط التواصل قائمة مع مسؤولي السلطة الليبية الجديدة، لأن ما حصل قد يؤثر سلباً على هذه القمة المهمة ويزيد من احتمالات التباعد وعدم التعاون الإيجابي والبنّاء لكشف ملابساتها ووضع حدّ نهائي لها.

أولى النتائج لممارسات إحراق العلم الليبي، إعادة حسابات العديد من الزعماء والرؤساء العرب في ترؤسهم لوفود بلادهم والاستعاضة بمسؤولين من الدرجة الثانية أو أقل لترؤس هذه الوفود، لأنهم اعتبروا ما حصل موجهاً إليهم ولا يمكن التغاضي عنه، لا سيما وأن مثل هذه الممارسات كانت لإعطاء انطباع بعدم رضى بعض الأطراف اللبنانية عن استبعاد سوريا عن القمة الاقتصادية.

وثاني هذه النتائج، تسميم العلاقات بين الرئاستين الأولى والثانية وتمددها لتشمل باقي مكونات السلطة السياسية، وزيادة التباعد القائم بينها اساساً بفعل الاختلافات الحاصلة حول مسألة تشكيل الحكومة الجديدة وزيادة الاحتقان القائم بينها جرّاء ذلك، واقوى دليل على ذلك المواقف السياسية الرافضة لمثل هذه الممارسات والاصرار على عقد القمة بمن حضر.

وقد أظهرت وقائع الحركة السياسية ان هناك محاولات من جرّاء ما حصل لإبقاء لبنان بعيداً عن أشقائه العرب بفعل هذه الممارسات استرضاءً لنظام الأسد ولاعطاء انطباع عام بأن الساحة اللبنانية هي حصراً لهذا النظام وإيران على حدٍ سواء، في حين ان التئام القمة واتخاذها للقرارات المعهودة قد كرس الرفض المطلق للانصياع لمثل هذه المحاولات، بالرغم من تداعياتها السلبية على واقع الحياة السياسية الداخلية وعلى العلاقات مع العرب عموماً.

فالكل يعلم انه ليس باستطاعة لبنان مهما كان قراره موحداً وجامعاً المطالبة بإنهاء تجميد عضوية سوريا بالجامعة العربية في الظرف الحالي قبل ان يسلك النظام السوري خطى ولوج الحل السياسي وإنهاء كل مسببات تجميد هذه العضوية.

ولذلك، المطلوب ان يعود النظام السوري إلى عروبته ويتخلص من التبعية العمياء والمطلقة للنظام الإيراني، قبل المطالبة بإنهاء تجميد عضوية سوريا، وكل المتباكين والمطالبين بهذه العودة يعلمون انه بدون تحقيق هذا الشرط، فمن المستحيل العودة عن قرار التجميد هذا.

تبقى المفارقة الأهم في كل ما حصل، ان النظام السوري الذي كانت له اليد الطولى في استباحة لبنان وفرض كل ما يريد، أصبح يستجدي للمشاركة في قمّة تعقد ببيروت، وهذا من عوارض الوهن التي أصابت هذا النظام والتي لم تعد تخفى على أحد.