حوار سلامة ـ «حزب الله» لا ينجز تفاهمات كاملة
غلايزر يتفهّم «الخلطة اللبنانية».. ولكن «الحرب» مستمرة
أشاعت الزيارة الأخيرة التي قام بها مساعد وزير الخزانة الأميركي دانيال غلايزر الى لبنان مناخا من الارتياح، بالتزامن مع عودة مناخ الثقة بين «حزب الله» من جهة وحاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة من جهة ثانية.
وعقد في الأسبوع الماضي اجتماع ضم سلامة وممثلين عن الحزب هم الوزير حسين الحاج حسن والنائب علي فياض والنائب السابق أمين شرّي وذلك بهدف تثبيت المبدأ الذي تمّ الاتفاق عليه سابقا والذي عرف بمبدأ 3060 الذي يمتنع بموجبه أي مصرف من إقفال حساب متعامل معه دون الرجوع الى مصرف لبنان الذي أعطى ذاته مهلة 30 يوما لدراسة ملفّ الزبون قابلة للتجديد 30 يوما.
وفهم أن الاجتماع المذكور لم ينته الى تفاهم كامل لغاية الآن حول موضوع المؤسسات والكيانات التي منع قانون الكونغرس الأميركي التعامل معها لا سيّما تلك التي تحمل طابعا إنسانيا ولها عقود عمل مع الدّولة اللبنانية.
كان «حزب الله» ولا يزال مقتنعا بأن القانون الرقم 2297 الصادر عن الكونغرس الأميركي في كانون الأول 2015 والمتعلق بـ «منع التمويل الدّولي لـ «حزب الله» بغية تجفيف مصادره المالية»، يستهدف فعليا بيئته الحاضنة وتحديدا رجال الأعمال الشيعة لا سيّما أولئك العاملين في أفريقيا وذلك عبر المصارف التي يتعاملون معها. وقد اندرج هذا القانون ضمن «سلّة حصار» متكاملة بدأت بتصنيفه إرهابيا من قبل الدول الخليجية وصولا الى قطع بثّ قناة «المنار»، وذلك في سياق قرار أميركي بالمضي في خيار «الحرب الناعمة» الاقتصادية والمالية ضد «حزب الله».
ولعلّ أكثر ما يثير «حزب الله» هو أنّه ليس متضررا لغاية اليوم من الإجراء الأميركي، بحسب ما تقول أوساط مطلّعة على مناخه لـ «السفير»، بل يطال مؤسسات وكيانات لا علاقة لها بتمويل الحزب كمنظومة عسكرية، ويستهدف بشكل غير مباشر منظومة اقتصادية لبنانية ليست شيعية فحسب، في حين أنّ «حزب الله» العسكري يتلقى أمواله «كاش» كالعادة دون المرور بالمنظومة المصرفية التقليدية.
ومنذ اللحظة الأولى لصدور القانون، بدأت الاتصالات مع حاكم مصرف لبنان الذي أصدر تعميما طلب بموجبه من المصارف مراجعة المصرف المركزي قبل إقفال أي حساب، ولغاية اليوم يقرّ العارفون بأن ثمة حسابات معدودة تمّ إقفالها على عكس الشائعات التي تتحدث عن 10 آلاف حساب، كما أن نوّاب «حزب الله» لا يزالون يقبضون رواتبهم من المصارف اللبنانيّة.
وعاد الطرفان أي «حزب الله» وحاكم مصرف لبنان بعد زيارة غلايزر للتأكيد على هذا المبدأ، وأثير مجددا موضوع المؤسسات والكيانات الإنسانية والتربوية بحيث برزت مشكلة حقيقية لأن هذه المؤسسات ومنها على سبيل المثال لا الحصر مستشفى الرسول الأعظم تتعامل مع الدولة اللبنانية عبر وزارة الصحة وفيها أسرّة على حساب هذه الوزارة وتتعامل أيضا مع الضمان الاجتماعي وهي بحسب القانون الأميركي تابعة لـ «مؤسسة الشهيد» المصنّفة من ضمن الكيانات الممنوع التعامل معها عالميا.
هذا الواقع اللبناني المعقّد تمّ شرحه لغلايزر وثمّة حلول قيد الإعداد بين مصرف لبنان والحكومة اللبنانيّة «لأنّ الأمر يتعلّق بالدولة اللبنانية برمّتها».
والمشاكل التي يرتّبها هذا القانون لا تحصى ومنها مثلا أنّ الاعتمادات التي تحوّلها وزارة الأشغال لبعض المشاريع في المناطق، تكون بإسم النائب عبر أحد المصارف. وثمة وجهة نظر مصرفية لحاكم «المركزي» تشير إلى أن بعض المصارف، ولأسباب داخلية تخصّها وتتعلق بقضايا اتّهمت فيها سابقا، راحت تبالغ في تطبيق القانون أكثر مما يطلبه القانون الأميركي نفسه!
وتشير أوساط مطلعة على مجريات الأمور إلى أنّ زيارة غلايزر أوضحت أمورا كثيرة وهو بدا أكثر تفهّما لموقف مصرف لبنان المركزي وجمعية المصارف وللشروحات التي قدّمها وزير المال علي حسن الخليل، بحيث اطلع غلايزر عن كثب على «الخلطة اللبنانية» التي تشكل سلسلة مترابطة الحلقات لا يمكن عبرها الفصل بين «حزب الله» وبين المجتمع اللبناني برمّته وليس طائفة معيّنة فحسب.
من جهتها، تشير الأوساط المطلعة إلى أنّ حركة «حزب الله» عبر المصارف لا تساوي شيئا مقارنة مع تعقيد المعاملات مع الدولة اللبنانية التي قد تتعرض للعقوبات إذا تعاملت مع شركات مصنفة.
صحيح بأن القانون الأميركي لن يتغيّر، لكنّ تطبيقه لا يجب أن يكون عشوائيا كما تنقل الأوساط المذكورة، وقد بدا غلايزر متفهّما جدّا لوجهة النظر هذه أكثر من الماضي، خصوصا أنّ التطبيق الغوغائي سوف يؤثر سلبا على مؤسسات حكومية وعلى الاقتصاد، وبالتالي يمكن أن يهدد الاستقرار، في حين يبدو «حزب الله» ككيان الأقل تضررا لغاية اليوم.
وتشدد الأوساط إلى أن الرواتب يدفعها «حزب الله» لمحازبيه بالـ «كاش»، أما المؤسسات الإنسانية فحساباتها المصرفية تشغيلية لا أكثر ولا أقل لدفع رواتب موظفيها ومنها على سبيل المثال مستشفى الرسول الأعظم المفتوح لجميع اللبنانيين وليس لـ «حزب الله» فحسب، مذكرة بأن المستشفى فيه أهم مركز لأمراض القلب في الشرق الأوسط.