اليوم تجتمع هيئة الحوار الوطني في عين التينة، وعلى جدول أعمالها بند قانون الانتخاب، الذي لم تتوصّل اللجنة النيابية الخاصة التي تضم ممثلين عن جميع الكتل النيابية والقوى الحزبية والسياسية إلى إتفاق في ما بينها على واحد من مشاريع واقتراحات القوانين السبعة عشرة المطروحة على مشرحة اللجان النيابية منذ ما قبل التمديدين الأول والثاني للمجلس النيابي، فهل يعتقد الرئيس نبيه برّي صاحب المبادرات الإيجابية من مبادرة تشكيل هيئة الحوار الوطني وعلى رأس جدول أعمالها إنتخاب رئيس الجمهورية إلى مبادرة إجراء إنتخابات نيابية مبكرة، أي قبل انتخاب الرئيس بسبب استمرار الانقسام في البلاد حوله، على أساس قانون جديد للانتخابات يحقق التمثيل الصحيح والعادل، أو على أساس قانون الستين الذي أقرّ الاتفاق عليه في مؤتمر الدوحة، إذا تعذّر الاتفاق على قانون جديد، مع وعد منه بالحصول على تعهد خطي من كل القوى السياسية والحزبية ورؤساء الكتل النيابية بالمشاركة في الجلسة التي يدعو إليها لانتخاب رئيس الجمهورية، هل يعتقد أو يتأمّل في أن تتفق هيئة الحوار الوطني على ما عجزت اللجنة النيابية الخاصة عنه في كل الاجتماعات التي عقدتها منذ إنشائها قبل أكثر من أربعة أشهر، ومنذ إنشائها أول مرّة قبل أكثر من سنتين، أم أن الهدف الأساسي الذي يرمي إليه رئيس مجلس النواب وهو العالم بل الأعلم بخفايا الأمور وبما وراء الأكمة من خفايا وخبايا ومطبات هو تقطيع الوقت أو اللعب بالوقت الضائع إلى أن تصبح الظروف الإقليمية والدولية مهيّأة أو متاحة لملء الشغور الرئاسي وإخراج لبنان من النفق المظلم الموضوع فيه، بسبب غياب الإرادة الوطنية الجامعة من جهة، وبسبب ارتهان فريق من اللبنانيين لإرادة وإيحاءات خارجية، ووقوفه سداً منيعاً في وجه أي حل يُقترح للخروج من الأزمة الرئاسية ومنع لبنان من التشظي بما يدور حوله في المدى الجغرافي القريب والبعيد.
لا يعتقدنّ أحد أنه يخفى على الرئيس النبيه كل هذه الحقائق التي تمنع حل الأزمة اللبنانية وهو الذي يملك من المعلومات والحقائق ما لا يملكه غيره من اللاعبين المحليين، لكنه ومن موقع معرفته هذه، لم يفقد الأمل بعد في إمكانية نزول الوحي على القيادات الحزبية والسياسية التي ما زال معظمها يتعامل مع هذه الأزمة باستخفاف، فيقبلوا بقانون انتخاب يشكّل حلاً وسطاً بين وجهات النظر المتضاربة، يؤسّس الاتفاق عليه إلى إعادة تكوين السلطة من خلال انتخابات نيابية جديدة، وبذلك يكون قد خطا هذا البلد خطوة كبيرة في اتجاه الخروج من النفق، والتحرّر من ارتباطات الخارج والتزاماته التي لم تعد تُطاق حتى من أولئك الذين باعوا أنفسهم أو استسلموا لإملاءات الخارج لاعتبارات خارجة عن إرادتهم.
وسواء نجحت محاولات الرئيس برّي أم لم تنجح والأرجح أنها لن تنجح لأن شيئاً لم يتغيّر ولن يتغيّر بين الأمس واليوم، استناداً إلى اعترافات الجميع، لكنه في أسوأ الأحوال يبقى الأمل موجوداً عند اللبنانيين.