باريس الجريحة تعيد تذكير قادة العالم المجتمعين في قمة المناخ بالحاجة الى قمة لمحاربة الارهاب. وكما في الاحتباس الحراري كذلك في الانفلات الارهابي: الخطر كوني عملياً، والرد عليه كوني نظرياً. ففي الإجماع على الحد من إنبعاث الغازات السامة وارتفاع حرارة المناخ كثير من الخلاف على المسؤوليات التي يجب أن تلتزمها كل دولة. وفي الاجماع على محاربة الارهاب كثير من الخلاف على الاستراتيجية والتاكتيك والأدوار والتحالفات الضرورية للقضاء على الارهاب. وفي الحالين مسافة شاسعة بين حجم الخطر الداهم والمتصاعد وبين البطء في الرد عليه، بصرف النظر عن كون الطائرات التي تقصف الارهاب أسرع من الصوت.
ذلك أن الجشع الرأسمالي هو العامل الأساسي وراء الارتفاع في حرارة المناخ بما يهدّد كل شيء على الكرة الأرضية. فلا الدول المتقدمة التي كانت ولا تزال منذ قرن تلوث المناخ من أجل نهضتها الصناعية تريد اتفاقاً ملزماً يحدد لها نسبة الانبعاث السام، الى حد ان ألمانيا مستمرة في استخدام الفحم الحجري لتوليد الطاقة مع معرفتها بأنه يؤذيها ويؤذي سواها. ولا الدول النامية مثل الصين والهند والبرازيل مستعدة لالتزامات جدية قبل سنوات طويلة، بحجة ان الدول المتقدمة أخذت كل وقتها في تلويث المناخ من أجل نهضتها، وان من حقها هي ان تأخذ الوقت اللازم لاكمال النمو.
ولا الدول الفقيرة، وهي جزء من ١٨٣ دولة تساهم في ٩٥% من الانبعاثات، تتلقى من الدول الغنية كل المساعدات المقررة لها لاستخدام الطاقة النظيفة صديقة البيئة.
والتطرف باسم الدين هو العامل الرئيسي وراء حرارة العنف الارهابي في كل مكان. فلا داعش سوى أحدث موديلات الارهاب منذ منظمة القاعدة وما قبلها وما ظهر على اطرافها في افريقيا وآسيا. ولا القوى التي تحارب داعش وكل تنظيمات الارهاب، سواء بقيادة أميركا أو بقيادة روسيا، تجهل ان ما قادت اليه الحرب على الارهاب التي اعلنها الرئيس جورج بوش الابن عام ٢٠٠١ هو بعض النجاح وكثير من الفشل. ولا بالقوة العسكرية وحدها ينتهي تنظيم الدولة الاسلامية الذي هو فكرة جذابة ايديولوجياً حتى لفئات متعلمة ولدت وعاشت في اوروبا لا مجرد ميليشيا مرعبة.
والزمن طويل. اتفاق كيوتو لمعالجة الاحتباس الحراري مستمر حتى العام ٢٠٢٠، مع ان تنفيذ موجباته كان محدوداً، وتطويره فشل في مؤتمر هلسنكي. ولا ضمان لخروج قمة باريس باتفاق ملزمكما يطلب الرئيس فرنسوا هولاند. والنهاية التي يحددها الروس بالأشهر والأميركان بالسنوات للقضاء على داعش ليست قريبة.