IMLebanon

عودوا إلى المبادئ…

أخطأت قوى ١٤ آذار عدا “القوات اللبنانية” في المسارعة والهرولة نحو طاولة الحوار التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري من دون البحث بجدية في جدول الأعمال – الفخ الذي طرحه. في المقابل ربما أخطأت “القوات اللبنانية” برفض طاولة الحوار من دون الضغط على حلفائها ليطرحوا جدول أعمال يأتي متجانساً مع مبادئ قوى ١٤ آذار وثوابتها.

ولنفصّل: لقد كانت مسارعة “تيار المستقبل” إلى قبول الدعوة للحوار بعد أقل من ساعة خطأ، لأن جدول أعمال الطاولة، وإن تضمن بند انتخاب رئيس للجمهورية، أتى على ذكر موضوع قانون الانتخاب وبنود أخرى، وكشف بري بعد ذلك بأيام أن المطروح هو قانون انتخابات نيابية على قاعدة النسبية، وذلك في حال عدم الاتفاق على موضوع الاستخقاق الرئاسي. كان على قوى ١٤ آذار التي وافقت على الانضمام إلى طاولة الحوار تحت ضغط الحراك المدني، ان تسعى جدياً إلى تحديد جدول الأعمال ليتضمن بنداً وحيداً هو إتمام الاستحقاق الرئاسي. أكثر من ذلك كان عليها عدم القبول بإسقاط البند الأهم في جدول أعمال أي حوار وطني، ألا وهو بند سلاح “حزب الله” غير الشرعي واستراتيجية الدفاع الوطني.

إن التنازل عن مناقشة سلاح “حزب الله” غير الشرعي هو ضربة كبيرة تصيب صدقية قوى ١٤ آذار، ومشروعيتها النضالية كقوى سيادية استقلالية. وقد نجح رئيس مجلس النواب نبيه بري في إمرار هذا اللغم الذي لا يخدم سوى “حزب الله”، بمعنى انه جرى تحييد سلاح الحزب عن أي نقاش حقيقي بما يعزّز الفكرة السائدة أن قوى ١٤ آذار في معظمها استسلمت للأمر الواقع. هذا خطأ وما كان يجوز ان يحصل ما حصل.

كان على قوى ١٤ آذار أن ترد على دعوة بري الايجابية بالاشتراط ان يكون بند انتخاب الرئيس وحيداً، وفي حال رفض بري أو الطرف المقابل، أن يتضمّن الجدول بند السلاح الذي هو أساس الأزمات اللبنانية المتوالدة في البلاد. فهل نسينا ان سلاح “حزب الله” غير شرعي لا بل إنه نقيض الشرعية والأمن والأمان في لبنان؟ وهل نسينا أن طاولات الحوار المتعاقبة منذ ٢٠٠٦ لم توقف زحف “حزب الله” نحو السيطرة على مقدرات لبنان، ولم تمنعه من استخدام السلاح ضد اللبنانيين العزل، ولا أوقفت مسلسل الاغتيالات الذي كانت آخر فصوله اغتيال الوزير محمد شطح؟

صحيح ان لبنان، كما قال الداعي إلى طاولة الحوار يحتاج إلى تأمين مرحلة انتقالية هادئة في انتظار التسويات الكبرى في المنطقة. ونحن لا نأخذ على بري إدراجه مجموعة بنود تشوش على بند الانتخابات الرئاسية، أو إغفاله بند السلاح غير الشرعي. مأخذنا على الفريق الاستقلالي أنه قبل بجدول أعمال بري من دون اعتراض.

إن التساهل المفرط في الدفاع عن المبادئ والثوابت مضر، ويساهم في استكمال تسليم مقدرات البلاد الفعلية إلى “حزب الله”، وذلك من دون مقاومة، ويشتت تأييد الشارع الاستقلالي لقياداته. لذلك لا بد من العودة إلى المبادئ والثوابت، أي العودة إلى نبض الناس الحقيقي.