IMLebanon

إلى التمديد دُر… فلا رئيس للجمهورية ولا سلسلة رتب ورواتب

عندما سُئل أحد الأقطاب الذي سعى في جولاته الى حوار بين اللبنانيين بحثاً عن ثغرة ينفذ منها الى الإستحقاق الرئاسي، متى ستستكمل جولتك، فلم يعُد أمامك سوى زيارة أو زيارتين؟ أجاب بصراحة: «يا ليتني كبّرت عقلي ولا كنت بلّشت بهالجولة ولا كنت وصلت الى الحائط المسدود». فلا رئيس جديد للجمهورية ولا «سلسلة».. وليس أمامنا سوى السعي الى إخراج التمديد.

في الغرف المغلقة حوارات وأحاديث لم تظهر الى العلن بعد، وعلى رغم كل الحديث الذي يستهلك صفحات مكتوبة وساعات من البث، ليس هناك من مؤشر على قدرة للبنانيين على إتمام إستحقاق دستوري واحد في أوانه.

فإستهلاك المهل الخاصة بانتخاب رئيس للجمهورية بات يحتاج الى مسلسل من حلقات طويلة لم تنته فصولاً بعد. والسعي الى سلسلة جديدة للرتب والرواتب إنهمك البعض في ترتيب جداولها وإحصائياتها ونسبها المئوية لقيت من يمحو آثارها في دقائق قليلة، فعادت الى نقطة ما دون الصفر.

وها هي المهل الخاصة بالإنتخابات النيابية على أشكالها المختلفة تتبخّر واحدة بعد الأخرى، وسط أجواء من الإهمال، فلم يُعرها أحد شيئاً من الإهتمام التي تستحق، حتى تجد من ينقذها ويعيد النظر بها، خوفاً من فراغ في السلطة التشريعية يضاف الى الشغور الرئاسي ما يهدد سلامة المؤسسات الدستورية والسلطة التشريعية ويصيب الكيان.

على هذه الخلفيات، ثمة من يعتقد أن كل هذه الإستحقاقات لم تُحرّك في اللبنانيين شيئاً، فهم غارقون في متابعة أخبار الحلف الدولي وانعكاساته على لبنان والمنطقة من دون السعي الى ما يحصّن الساحة الداخلية وسط من يظن أن إيقاعها مضبوط، وكل ما هو منتظر من أعمال أمنية ما زال وسيبقى تحت سقف ممسوك على كل المستويات.

ومردّ هذا الإطمئنان، في رأي المتابعين، أن الرعاية الدولية التي تحمي سقف الإستقرار السياسي والأمني في لبنان بالحد الأدنى المطلوب ما زالت قائمة. ولن يتجرأ أحد على تجاوزها. ولذلك تترسخ القناعات يومياً بأنه لن يكون للبنان في ظل المعادلة الإقليمية – الدولية القائمة رئيس جديد للجمهورية، واللبنانيون منقسمون على أنفسهم. ولكل منهم رأيه دون الإعتراف بالرأي الآخر.

ويقول أحد السفراء الأوروبين المعتمدين في بيروت في صالونه الخاص، إن اللبنانيين زرعوا الحيرة لديه، فهم يستعجلوننا الخطوات ويطالبون المجتمع الدولي بتسهيل التفاهم على انتخاب رئيس جديد للجمهورية من دون أن يُقدِم أحد منهم على أي مبادرة تقلص حجم الخلافات القائمة في ما بينهم، ولذلك فهو لا يحمّل المسيحيين وحدهم مسؤولية الفشل في إتمام الإنتخاب، ولكن فإن لهم النصيب الراجح منها، بإنحراف البعض وراء مصالحه الآنية وأحلامه الزائفة وصولاً الى التضحية بما بقي لهم من دور في ظل المتغيرات الجيوسياسية التي تهدّد مستقبلهم.

والأخطر من ذلك، ان هناك من يعتقد صادقاً، ان الفشل في إدارة البلاد بات ينعكس على مختلف الصعد. فبعد سنوات من الجهد المبذول من أجل سلسلة جديدة للرتب والرواتب تعيد توزيع الحقوق على موظفي القطاع العام، تراهم غير قادرين على ترجمة وعودهم بإنصاف من يستحق. واكتشفوا أنهم سيُساقون الى الفصل بين الأسلاك الإدارية والعسكرية بكلفة أولية تقدر بحوالى 300 مليار ليرة لبنانية، وهو أمر سيؤدي الى الإعتراف بالعجز الكامل عن إتمام المهمة.

وما بين هذه الهموم والإستحقاقات المتراكمة، هناك من يسعى الى ترميم الهيكل لئلا يقع على رؤوس الجميع. وهو يبحث عن مخرج يحمي شرعية السلطة التشريعية في ظل وجود السلطة التنفيذية بحدّها الأدنى.

ولا يكون ذلك إلّا من خلال التمديد مرة ثانية لمجلس نيابي ولولاية كاملة، لئلا يقع المحظور الذي لا يمكن ان يجد له وصفاً لا في السياسة ولا في الدستور، وضمن مهلة باتت ضاغطة ستفرض مخرجاً مبنياً على إعادة النظر الشاملة بالمهل المرتبطة بقانون الإنتخاب، ولذلك سنشهد بعد عطلة عيد الأضحى سيناريو ينبؤنا بما يلي: لنصرف النظر موقتاً عن كل الإستحقاقات التي انهارت أو تلك المهددة بالمصير نفسه، والى التمديد در!