مبادرة جعجع لترشيح عون هدفها قطع الطريق أمام فرنجية لرئاسة الجمهورية وليس إنتخاب عون رئيساً
إختلاف الأهداف بين القوات والتيار يُبقي المبادرة محصورة النتائج والمفاعيل
الهدف المشترك بين عون وجعجع قطع الطريق على ترشيح فرنجية بعدما حاز على تأييد واستقطاب كتل نيابية مؤثرة يفوق عددها عدد مؤيدي عون بفارق ملحوظ
يلاحظ مصدر سياسي بارز أن خطوة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بدعم ترشيح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية كانت أبعادها وأهدافها ومراميها تتلاقى في بعضها بين الطرفين ومختلفة لدى كل منهما في بعضها الآخر، ولكن لم يكن الهدف الأساسي انتخاب عون رئيساً للجمهورية لأن حسم هذه المسألة يتطلب خلق الظروف المحلية والإقليمية والدولية المطلوبة لإنجاز هذا الاستحقاق المهم وهذا لم يتحقق حتى الآن ، ولذلك، بقيت نتائج ومؤشرات هذه الخطوة محدودة وضيقة في آن معاً بالرغم من كل محاولات تلميعها وتسويقها لدى الرأي العام وخصوصاً المسيحيين منه.
ويحدد المصدر المذكور بأن الهدف الأساس المشترك بين الطرفين جرّاء هذه الخطوة، قطع الطريق نهائياً على ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية بعد ما حاز ترشيحه على تأييد واستقطاب كتل نيابية مؤثرة يفوق مجموع ما يحوزون عليه النائب عون وبفارق ملحوظ، لأن هناك مصلحة مشتركة لكليهما لمنع وصوله إلى سدة الرئاسة الأولى وكل طرف من زاوية معينة.
ولا شك أن جانباً كبيراً من هذا الهدف قد تحقق من خلال فرملة اندفاعة ترشيح فرنجية للرئاسة ولو بحدود معينة دون أن يسقطه نهائياً ولكنه في الخلاصة وضع أمامه حاجزاً كبيراً قد يتطلب «الأمر جهوداً وتبدلات في التحالفات لتجاوزه في مرحلة الترشيح للرئاسة الأولى، في حين أن هذه الخطوة وبالرغم من مؤثراتها في الوسط المسيحي خصوصاً لم تُزل العوائق الصعبة من طريق ترشيح عون للرئاسة، بل بقيت الأمور على حالها وقد تكون قد أصبحت معقدة سأكثر من السابق بعد ما انتقل الخلاف بين أطراف التحالف الواحد ضمن قوى الثامن من آذار وليس بين طرفي الصراع في تحالف قوى 14 آذار والثامن من آذار المعتاد منذ عشر سنوات.
وفي اعتقاد المصدر أنه لو كان الهدف الأساسي والحقيقي لإطلاق هذه الخطوة هو دعم وصول عون لسدة الرئاسة الأولى، لكانت «القوات» استحصلت على ضمانة وإعلان مسبق بتأييد «حزب الله» لهذا التقارب وبالسعي بكل الامكانيات المتوافرة لتأمين الظروف المناسبة لانتخاب عون رئيساً، من خلال ممارسة أقسى الضغوطات المطلوبة لتأمين انسحاب فرنجية من سباق الانتخابات الرئاسية أولاً وثانياً حتى كل الحلفاء وحتى المستنكفين منهم على تأييده أيضاً وتوسعة مروحة تأييد الخصوم على حدّ سواء ولكن كل هذه الأمور لم يتم التحقق منها مسبقاً أو العمل على تحقيقها، الأمر الذي أبقى خطوة المصالحة والتقارب بين «اتيار العوني» و«القوات» تؤثر جزئياً في تحريك ملف الاستحقاق الرئاسي وفي ترييح الجو المسيحي منها، بينما لم يحصل أي اختراق ملموس يبشر بإنجاز الاستحقاق في موعد قريب، لا سيما مع حرص الحزب بلسان أمينه العام حسن نصر الله على اعتماد سياسة إرضاء المرشحين للرئاسة عون وفرنجية في آن معاً، وعدم إخراج أي مهما من السباق الرئاسي بالرغم من الانحياز النسبي لتأييد ترشيح عون من قبل الحزب مقابل فرنجية، وهذا يعني ترك الأمور معلقة كما هي، لحين نضوج ملف الإنتخابات الرئاسية التي لا تزال رهينة مصالح «حزب الله» والنظام الإيراني في المنطقة وتحديداً على الساحة السورية.
ومن وجهة نظر المصدر السياسي أن رمي مسؤولية تعطيل خطوة دعم جعجع لترشيح عون للرئاسة على «حزب الله» والإلحاح منه على تحديد موقفه من هذا التقارب من خلال المواقف التي أعلنها حزب القوات مراراً قد أحدثت هذه المرة أثراً سلبياً وخلقت وساوس وشكوكاً وتساؤلات لدى جمهور التيار العوني وشرائح من مؤيّدي الحزب، حتى بات كثيرون منهم يصدق بأن «حزب الله» يعطّل انتخاب عون للرئاسة، الأمر الذي استدعى تنظيم الإطلالة الإعلامية الأخيرة لنصر الله الذي بدا مستاءً ومنزعجاً من محاولات تعميم هذه الأجواء السلبية بين جماهير ومؤيّدي الطرفين الحليفين وحاول جاهداً تبديدها وإعطاء إنطباع إيجابي داعم لخطوة التقارب العوني – القواتي بالرغم من بعض الملاحظات بخصوصها مع تأكيده استمرار الحزب بتأييد ترشيح عون للرئاسة ولكن في الخلاصة النهائية لم تصبّ في مصلحة تسهيل إجراء الإنتخابات بالمستقبل القريب مما يعني أنها ستبقى معلّقة ومصادرة عن قصد بالقوة والترهيب حتى إشعار آخر.
وفي اعتقاد المصدر السياسي أنه لو تقاربت تطلعات وأهداف التيار العوني والقوات اللبنانية أكثر مما حصل وتم التحضير للخطوة بآفاق أوسع ولم تأتِ رداً على مبادرة الرئيس سعد الحريري لترشيح فرنجية للرئاسة، لكانت استقطبت تأييد جهات وشخصيات مسيحية وغيرها وكان يؤمل منها بالفعل كسر حاجز الجمود القائم حول ملف الانتخابات الرئاسية من قبل «حزب الله» تحديداً، ولكن حصرها بقطع الطريق على وصول فرنجية للرئاسة أبقى تأثيرها محدوداً وأصبح من الصعب توظيفها لإيصال عون للرئاسة في ظل الظروف السائدة حالياً.