لم أصدق أذني وأنا أستمع الى سماحة الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله، المرجعية الدينية والسياسية الكبيرة، يقول في مقابلة تلفزيونية: «أنعم الله علينا بالرئيس بشار الأسد..» وقد تراكمت لدي جملة أسئلة، لا تحتمل الإبهام والغموض، منها على سبيل المثال:
– هل يعتبر سماحته أنّ بشار الأسد الذي قتل خلال أربع سنوات أكثر من 300 ألف مواطن سوري وهجّر ما يزيد على 12 مليوناً، ودمّر الجوامع والكنائس والمستشفيات والجامعات والمدارس، وسائر المؤسسات الرسمية هو نعمة من رب العالمين؟
كلا يا سماحة السيّد، هذه ليست نعمة، بل نقمة بكل ما لهذه الكلمة من معنى…
وفي معرض حديثه عن الأحداث، قال سماحته إنّ هذا صراع سياسي وليس دينياً، والدين استخدمت فيه شعارات وعناوين… فقط أريد أن أذكر سماحته، أنّ بداية الأحداث، وعلى مدى ستة أشهر كانت التظاهرات سلمية مئة في المئة… فهل المطالبة بالحرية موضوع ديني؟ وهل المطالبة بإجراء الانتخابات النيابية قرار ديني؟..
ويسأل سماحته عندما كان نظام الشاهنشاه قائماً، كانت السعودية ودول الخليج مرتاحة ومبسوطة… وحين جاء الخميني انقلبت الصورة…
نظن أنّك يا سماحة السيّد تعلم لماذا.؟! وهنا نسأل، هل نسيَ سماحته أنّ نظام ولاية الفقيه، والاثني عشرية، رفع شعار «تشييع أهل السُنّة»… في خطة أريد منها أن يكون كل أهل السُنّة شيعة؟ بربّك.. ألا يستفز هذا الكلام «أفيون الشعوب»؟!
ثم يقول سماحته إنّه ذهب الى سوريا من دون أن يخبر حلفاءه حتى لا يحرجهم… متناسياً «أنّ الأمر شورى بينكم»(؟!) فهؤلاء شركاؤه في الوطن وحلفاؤه، فكيف يسمح لنفسه بالذهاب الى سوريا من دون مشورة ورأي واتفاق؟!. أم أنّه فضل الإحراج فذهب من دون علم الحلفاء والشركاء؟!
وفي السياق يقول السيّد نصرالله، إنّ اغتيال الرئيس رفيق الحريري في العام 2005 جاء من أجل أن توجّه الاتهامات الى سوريا؟
وفي هذا، نحن نعلم، وسماحته يعلم، أنّ هناك أربعة أو خمسة متهمين من «حزب الله»، وهم مطلوبون للعدالة في هذه الجريمة… هذا مع الإشارة، الى أنّه يستحيل أن تقع جريمة على هذا القدر، من دون معرفة وموافقة وتنفيذ المسؤول عن الأمن في هذه المنطقة او تلك؟
وهنا نفتح هلالين ونقول، إنّ هناك محكمة دولية، وإنّ هذه المحكمة أثبتت كفاءتها وحرفيتها، ولا يمكن أن تعتدي على أحد… وهي ستعلن، بكل صراحة، ما ستتوصّل إليه، ومن خطّط ومن نفّذ هذه الجريمة… وبالمناسبة، لا بد من تذكير السيّد حسن، بـ«ابو عدس»، والذين سافروا الى أوستراليا… والأفلام التي ركبت، وعلى رأسها الفيلم عن موكب الحريري.. بالإضافة الى مقتل غازي كنعان، وعماد مغنية، والعميد في القصر الجمهوري محمد سليمان…
ومن أسف، أنّ السيّد حسن، وعند كل مناسبة، يعود ليحدثنا عن «النصر الإلهي» في العام 2006… هذا «النصر الإلهي» الذي كلف لبنان 5 آلاف قتيل ونحو 15 مليار دولار خسائر في البنى التحتية، وكل ذلك تم تبريره بشعار: «لو كنت أعلم…»؟!.
يقول السيّد نصرالله، إنّه منذ بداية أحداث درعا، كان الرئيس (بشار) يعلم أنّ هناك مؤامرة… وهنا نسأل، إذا كان الرئيس يعرف أنّ هناك مؤامرة، فهل هكذا تعالج؟!
ثم، ما هذه الاسطوانة الممجوجة، التي تتردّد على الدوام، لجهة «إننا ذهبنا الى سوريا حتى لا يأتوا الينا..»؟! فقط نذكر صاحب السماحة ونسأله عما حصل في الضاحية، وفي السفارة الايرانية: لماذا لم يحصل قبل أن يذهب الى سوريا؟!. وهو عندما يسأل عن الخسائر، يتهرّب من الإجابة، والجميع يعرف أنّ خسائر الحزب هناك باتت تقارب الألفي قتيل وأكثر، حتى اليوم..
كلمة أخيرة،
وبمناسبة الحديث عن «النصر الإلهي» كيف ينظر سماحته الى اتفاق «الشيطان الأكبر» (أميركا) مع إيران… وكيف يضمن هذا الاتفاق أمن إسرائيل؟! وهل ستأتي الساعة لإعلان التوافق الايراني – الاسرائيلي؟! وكيف يكون نصراً لإيران وقد خفضت نسبة التخصيب من 19 ألفاً الى 6 آلاف؟! فهل هذا يكون نصراً إلهياً؟..
هذا عدا عن الإفراج عن الأموال الإيرانية المحتجزة منذ نحو 12 عاماً، وهي تفوق الـ150 مليار دولار.. فهل نسيَ أولو الأمر أنّ القيمة الشرائية لهذا المبلغ تفوق عشرات المرات القيمة الشرائية حالياً؟.. الخسارة من يتحمّل مسؤوليتها وهو يأخذ على السعودية أنّها تصرف الأموال خارجاً؟
فقط للتذكير، لقد تعرّضت إيران منذ نحو عشر سنوات الى زلزال كبير… وإلى الآن، لا تزال بيوت آلاف الإيرانيين الذين تضرروا باقية كما هي خربة، ولم يعودوا اليها، والدولة أهملتهم بحجة «أن لا مال»، في وقت تعطي السيّد نصرالله مليار دولار سنوياً، سلاحاً ورواتب.؟!