«يجب» بالضرورة القصوى، إيجاد حل للأزمة الناجمة عن حادثة قبرشمون – البساتين. أقله لــ«محاصرة» تداعياتها إن لم يكن متيسَّراً تبديد هذه التداعيات الآخذة في الانفلاش والتفلّت من الضوابط. خصوصاً أنه يتعذر، حتى الآن، الركون الى إيكال الأمر الى القضاء بتوافق يشمل سائر أطراف الأزمة.
وقد تكون التطورات ذاهبة الى الأبعد: إلى شق كبير في ما بين الأطياف، وتعميق الشق بين الطيفين المسيحي والدرزي. إضافة الى ما داخل كلٍ منهما من شقاق خطر هو أيضاً يبدو سائراً الى التصاعد.
ولا نقول جديداً أو نقرأ في الغيب إذ نعرب عن تخوفنا من ألاّ تبقى الأطياف الأخرى بعيدة عن مرحلة الاصطفاف البشع التي نرى رأس جبل جليدها بوضوح، علماً أن المخفي أعظم.
كذلك لا نقول جديداً ونحن نتحدث عن استقطابات كبرى يجري الإعداد لها بتدخلات خارجية ليست (ولن تكون) وقفاً على بيان السفارة الأميركية. فالمصلحة هي، أساساً، واقعة في تجاذب مؤلم بين مختلف أنواع تلك التدخلات وإننا نصف التجاذب بأنه «مؤلم» لأنّ ترجمته على الأرض تتمثل في الحروب والاضطرابات المروعة التي تجتاح الإقليم والتي ليس ثمة مؤشرات الى أنها ماضية الى انكفاء. والعكس صحيح. فالمؤشرات المتوافرة تشير الى أنّ الخلافات قد تدخل في صلب أوضاع دول متحالفة بدأ الائتلاف ما بينها يعاني اهتزازات لافتة ونعطي اليمن مثالاً، ولا نُسهب اليوم، في هذه النقطة…
ومن أسف شديد أن لبنان «مكشوف» أمام تلك الأنواء والأهواء! والسفينة معرضة للغرق لشدة ما فيها من ثقوب بعضها اقتصادي، وبعضها أمني، وبعضها مالي، وبعضها في جدار الحكم (…).
وما يستدعي أسفاً شديداً أن اللبنانيين يبدون وكأنهم لم يتعلموا من تجاربهم المرّة التي لم يمرّ عليها، بعد، طويل زمن. أليست الحال التي نراها، والخطابات السياسية التي تتوالى أمام الأنظار تشبه إرهاصات «حرب السنتين» التي ما زلنا «ننعم» بتداعياتها المتناسلة تداعيات حتى اليوم؟
ويذهب البعض الى الاعتقاد بأنه اذا سُجًل أي حدث كبير لا سمح الله، فالكارثة ستكون كبيرة، ولن ينجو أحدٌ منها…
وفي تقدير أصحاب هذا الرأي أن حرب السنتين نقلت لبنان من طور الى آخر مشوه… أما الأحداث اذا انفجرت لا سمح الله فلن يبقى لبنان، بل سيتفتت الى كيانات هجينة غير قادرة على النهوض والعيش بذاتها، إنما ستكون تابعة كما كانت الحال أيام العثمانيين: البعض تابع الى والي حيفا وسواه الى والي دمشق الخ