IMLebanon

حمى الله الأردن  

 

كمتابع من الخارج، ينتابني القلق على المملكة الأردنيّة الهاشمية، بالرّغم من ثقتي الكبيرة بحكمة ملكها عبدالله الثاني، أحداث العالم العربي وثوراته وتظاهراته منذ العام 2010 بدأت كلّها ضدّ أوضاع اقتصادية صعبة تعيشها هذه الدول وانتهت إلى كوارث شتاء أسود، جلّ ما نراهن عليه وعي الشعب الأردني وارتباطه الوثيق بوطنه وملكه، وهذه واحدة من النعم التي أنعم بها الله على الشعب الأردني، كانت المرة الوحيدة التي رأيت فيها شعباً يحب حاكمه ويحلف بحياته في الأردن.

 

بدون شك تعيش معظم الدول أزمات خانقة وتعاني الشعوب العربيّة من ضيقة شديدة، ومع هذا إذا نظرنا حولنا إلى دول أوهام «الربيع العربي» سندرك سريعاً أنها أخطأت في خيار وضع الرغيف فوق الأمن، وحدها الشعوب التي عانت ويلات الحروب تعرف أنّه إذا ضاع الأمن ضاع الرّغيف معه، وأنّ الرغيف وبحبوحة العيش من دون الأمن لا تحمي الشعوب.

نتمنّى أن يتنبّه شعب الأردن الحبيب إلى أنّ الأردن مستهدف ومنذ زمن بعيد، منذ الستينات «هيك بصراحة» في كلّ حقبة سياسيّة كان هناك من يستهدف الأردن، خصوصاً وأننا نعيش أيام الهزيمة الكبرى عام 1967، وهذا الكلام فقط لإنعاش الذاكرة ليس إلا…

عندما خرج ملك الأردن عبدالله الثاني ليحذّر من مؤامرة إيران على العالم العربي وسعيها لتحقيق ما أسماه في العام 2004 «الهلال الشيعي»، أنكر الجميع يومها هذا «الهلال»، حتى في العام 2007 خرج رئيس مجلس النواب اللبناني ليقول ليس هناك هلال شيعي إلا من ضمن القمر السُنّي، ومع هذا جاءت كل أحداث المنطقة لتؤكد ما ذهب إليه ملك الأردن عبدالله الثاني، وما يحدث في سوريا من قتل دموي للشعب السوري ليس إلا جزءاً من محاولات مستميتة لحماية هذا الهلال الإيراني»الإرهابي»، فإرهاب إيران لا يتوقف عند الخليج العربي وأطماعها فيه بل يضم الشرق الأوسط  وأوهام إيران بالعودة إلى شواطئ البحر المتوسط!!

حتى اليوم نجا الأردن شعباً ودولة من إرهاب إيران، نجا بالرّغم من النيران السوريّة المحيطة به وبلبنان، نجا بالرّغم من كرة نار اللجوء السوري وأهوال تكاليف هذا اللجوء، جلّ ما نتمنّاه أن يستمرّ الأردنّ ناجياً من هذه النيران، خصوصاً وأن الأحداث الأخيرة تزامنت مع الحديث عن مشروع شبيه بحزب الله اللبناني جنوب سوريا، أي عند الحدود الأردنيّة، ليس بريئاً أن تتزامن الأشياء مع بعضها هكذا، ففي الوقت الذي كانت فيه القيادة الأردنيّة منشغلة بخطورة هذا المشروع جاء الضغط من الداخل لأسباب مالية اقتصادية، نسأل الله أن تكون هذه الأحداث بريئة، وأن يعبر الملك عبدالله الثاني بالأردن إلى برّ الأمن والأمان.

تجربة الثورات والاضطرابات في المنطقة العربيّة علمتنا، أنّهم يأخذوننا فرادى، «بالدّور»، يأتون علينا دولة تلو الأخرى، وهنا علينا أن نعيد تسليط الضوء على استهداف إيران للأردن، يوم ثبتت محاولات فيلق القدس الإيراني لزعزعة أمن الأردن وشعبه، أفضل ما يفعله الشعب الأردن اليوم وهو يتحرّك من أجل حقّه ومستقبل شعبه ووطنه، أفضل ما يفعله أن يتنبّة لأي محاولات مدسوسة من الداخل لحرفه عن هدفه المحقّ… حين هناك إخوان مسلمون هناك أذرع وأصابع شريرة لإيران تتربّص بالمنطقة كلّها…

حمى الله الأردن وطناً وشعباً وملكاً، وأزاح عنه كوابيس المنطقة ونيرانها.

ميرڤت سيوفي