Site icon IMLebanon

الله، مع مَن؟

هل يجوز القول، إن ما شهدته منطقة نحلة والجوار في البقاع، مساء الأحد، هو صراع إلهي ذاتي، ما دام الطرفان المتواجهان يستدعيان الله في كل شؤونهما، ويستندان إلى مشيئته في كل تدبيراتهما، على ما يزعمان؟

تعيد هذه المواجهة إلى الذهن التساؤلات القديمة الدائمة: هل كانت النار السورية لتصل إلى الأراضي اللبنانية لولا الدور “الطليعي” لميليشيا “حزب الله” في حماية النظام الأسدي المتهالك؟

تدرُّج الحزب في تحديد مبررات تورطه، من حماية مقام السيدة زينب، ثم المقامات المقدسة عموما، فقرى شيعية بسكان لبنانيين، وصولا إلى إشهار ارتباطه باستراتيجية الممانعة الايرانية، التي إذ يمليها الولي الفقيه لا يتبعها تمحيص أو تفكير، على ما أكد الأمين العام.

يقول هذا التقلب إن الحزب تقنّع بالمفاهيم الدينية لإقناع جمهوره بضرورة خوض الحرب السورية. وحين اقتضت الضرورة، والواقع الميداني، تبرير مد قتاله إلى أبعد من الرؤية الدينية، أي الاستراتيجية الامبراطورية الإيرانية، تكفلت شبكته “الإيمانية” والاقتصادية والاجتماعية باستمرار تأييد جمهوره، إذ بات القتال يستجر القتال، والضحايا تتراكم فوق الضحايا، حتى بات لكل قرية ودسكرة لائحة شهداء تظللها أشجار الطرق في الجنوب والبقاع.

على المقلب الآخر، يقاتل الخصم تحت الراية نفسها، وعناوين النصر الديني نفسها، والفارق أن أحدهما يفاخر، اليوم، بالنحر والقتل، بينما الآخر كان نال سابقا ما يريده من مجد مماثل قبل عقدين أو ثلاثة. ولو كانت وسائل التواصل الاجتماعي حينها متوافرة، لما كان قصّر في إشهارها، وإن كانت الصور الفوتوغرافية لم تقصّر.

من دروس مواجهة الأمس، أن طريق القتال لم تعد ذات اتجاه آحادي، أي بيروت – دمشق، بل صارت، رسميا وواقعيا، باتجاهين، وما أحداث الأحد إلا تدريب على رد الرجل، كما يقول المثل اللبناني.

ذلك يعيد البحث، مجدداً، في الطريقة الأنجع لحماية الحدود اللبنانية من تسرب الحرب السورية، وخصوصا أن التقارير تجزم بأن تدخل مدفعية الجيش اللبناني هو ما حسم المعركة، وما لجم تضخم عدد قتلى الحزب. واقع، إن ثبت، ينهي زعم القدرة على حماية الحدود، على الأقل حين تكون المواجهة مع ميليشيا، لا مع جيش نظامي، ولو كان الجيش الاسرائيلي.

مع ذلك لن تجد آذانا صاغية، لدى الحزب إياه، الدعوات المتكررة إلى مد صلاحية القرار الدولي 1701 إلى الحدود الشرقية والشمالية. ولن يكون للبنان أن يطلب من التحالف الدولي الجديد مد محاربته “داعش” إلى الحدود اللبنانية، التزاما لمقاطعة النظام الأسدي وطهران له، لرفض قيادته السياسية انضمامهما.

كذلك، لن يتراجع الحزب عن تورطه، وورطته السورية، فهو يقود حرباً تمليها عليه رؤية دينية استنهضها من ثنايا التاريخ. وفي مواجهته رؤية موازية، يرعاها الله أيضا، وكل يزعم أن الله معه.