ارأيتم كاهناً مربوط اليدين؟
ارأيتم تلك الصور، نعم تلك الصور الموجعة: كاهن مربوط اليدين خلف ظهره، وهو يمد رقبته على خشبة وقد ركع على الارض ينتظر فأس الجلاد التي ستقطع رأسه؟ ارأيتم صور النساء والاطفال والشيوخ في تدمر وسواها من المدن العربية وقد وقف وراءهم جلادون مقنعون بقناع شيطان الموت والكراهية؟
ارأيتم ذلك الشاب يحفر قبره بيديه قبل ان يذبحه الجلاد ويرميه في الحفرة التي ستكون مقبرة لجثته؟
وقد حفرها بيديه!
نعم هكذا!
ولقد حفرها بيديه نعم هكذا!
ارأيتم صور الشهداء من اقباط واحباش ويزيدين واثيوبيين والعديد من المسيحيين وغيرهم كثر من الذين ذبحوا واستشهدوا في العراق وسوريا ومصر والجزائر وتونس والمغرب وفلسطين واندونيسيا وليبيا وباكستان ومليزيا واسرائيل والمغرب وغزة ونيجيريا؟ ولبنان؟
ارأيتم البيوت المحروقة والناس الهاربة عراة، حفاة، جياع والهلع يتحجر في حداقات عيونهم التي تقطر دما؟ ارأيتم الكنائس المهدمة، والمدنسة، والصلبان المكسرة، والايقونات المحترقة والجوامع والحسينيات، والخلوات والمدارس، والجامعات والاديار، والاثار، تدك وتحرق وتسوّى بالارض؟
استيقظوا وارفعوا اصواتكم بالصلاة لتخلع ابواب السماء! صلوا كما تعلمنا من اهلنا: ارحم يا رب، ارحم شعبك ولا تسخط علينا الى الابد!
الجلاد ينفذ امراً الهياً
الجلاد، وهو يعتقد انه يتمم امراً الهياً، يرفع فأسه الحادة ليهوي بها بعنف على رقبة الكاهن الراكع على الارض ورأسه ممدد فوق قطعة خشبية، انها وسادة استشهاده وموته. «مددوني كخروف» يقول النشيد الطقسي و«كشاة سيقت الى الذبح» يقول النبي!
لا ذنب عليه الا لانه بريء، لا خطيئة اكثر منها الا لكونه كاهنا مسيحيا تعمد باسم الثالوث الاقدس ومسح بالميرون المقدس ليخدم جميع الناس بمحبة، ودون تفرقة. المشهد كما في اعمال الرسل عندما سيق اسطفانوس للرجم. وكانت السماء مفتوحة ووجهه كوجه ملاك وهو يرى السماء مفتوحة.
الكاهن الضحية الممدودة عنقه على الخشبة يصلي ويقول: اغفر لهم يا يسوع لانهم لا يدرون ماذا يفعلون! يا يسوع الرحوم ارحمني، واقبلني اليوم شريكا في عشائك السري يا ابن الله».
لا احد في العالم يصرخ لاجله. الصمت يلف هذه الجريمة وهذه الفجيعة لانها ليست فضيحة تحرش جنسي ليتكلم الاعلان عنها. والكاهن يتمتم مصليا:
يا الهي لا تتركني ولا تتباعد عني. اجعل حظي يا الهي مع الضحايا وليس مع الجلادين، الخشبة تسمع همس وتمتمة شفتيه كما صوت يسوع على خشبة الصليب الهي! الهي! لماذا تركتني؟ بين يديك استودع روحي! يا اب الحق الرحمان خذ دمي وحياتي اليك قربانا – غفرانا عن خطاياي وخطايا من يقطعون رأسي ويقدمونه لك على طبق كبخور المساء. سامحهم يا رب واغفر لهم.
اشكرك لانك قبلتني عندك بدون رأسي
واشكرك يا يسوع لانك اعطيتني نعمة التشبه بك في ساعات جلدك، وحمل صليبك وموتك على خشبة الصليب المقدس. اشكرك يا يسوع لانك اخترتني بحبك لاذهب اليك دون رأسي ومع نزف دمي، لانك انت رأسي وكأسك دم قدري الذي يراق على هذه الخشبة التي سيسقط من فوقها رأسي مفصولا عن جسدي ودمي يسيل شلالا على الفأس الحادة ليصبح ينبوع حياة للذين اموت معهم ومن اجلهم. انها خشبة كخشبة صليبك، اجعلها حياة لي وللعالم وكما جرى من جرح جبينك دم وماء اجعل دمي يعمدني وليكن لنداء اخوتي البشر. الى اين ستهرب ايها الجلاد من غضب الله؟ يا قايين ان دم اخيك يصرخ الي، الى الساء، فاين ستهرب يا قايين من عين الله، ومن غضب السماء؟ ستشل السماء يديك.
وكما لحست الكلاب دم تابوت اليزرعيلي ستلحس الكلاب دمك ويدمر السرطان عظامك ولحمك ودمك وينتن جلدك من البرص والطاعون، واولادك سيضرسون من شهوة أكلة ثمرة الموت وعنب الخطيئة ورفع سكينك باسمي كأكبر الالهة، وتسبحني لانني حللت لك ذبح الابرياء، ايها القايين الجديد!
صوت يصرخ الى السماء
والكاهن يتمتم لا ادري يا الهي من سيأتي ليأخذ جسدي ليكفنه ويدهنه بالطيب والعطور ويقول بالحقيقة كان هذا رجل الله أو يقول اعطني هذا الغريب، الذي سينضم الى شهداء الاقباط والاحباش، واليزيديين والازيديين والاشوريين والكلدان والاكراد والعلويين والموارنة والارمن والسنة والشيعة والهنود الحمر والانجيليين والدروز وعباد النار والاوثان وجميع الهة الارض والصابئين والمعتزلة والمشككين والكفار وعباد الحجار والانهار وجميع الاقليات في العالم، والناس المغتصبة حقوقهم وكراماتهم واراضيهم ومستقبل الفرح لهم ولاولادهم.
اكسرني كقربان على مذبحك
اعرف انك ستلعن الارض بسببهم «ملعونة الارض بسببك» قلت لقايين. لكني اصرخ اليك ايتها الرحمة الإلهية، ارحميهم، ورديهم الى التوبة اليك، والعودة الى دفء حنانك ومحبتك.
هاآنذا اتٍ اليك يا الهي، ويداي فارغتان لا عصا فيهما ولا سيف، ولا سوط، ولا رمح ولا بندقية فاسكب فوقهما من رحمتك وجمالك فستفنى الايام ويبقى في يدي فراغ!
انزع من صدري قلبي قبل ان يتحول الى حجر قاس، احرق غضبي وثورتي ضد هذه البربرية والوحشية والقساوة، اجعل قلبي مثل قلبك، يا يسوع الوديع والمتواضع القلب اجعل قلبي مثل قلبك ايها الحمل الذبيح لاجلي اكسرني كقربان على مذبحك فاعرفك عند كسر الخبز وكسر جسدي وقطع لساني وعنقي ويدي ورجلي بفأس حقيقية او بسكين من البغض وسيف الكراهية المحمى على نار الغيرة والحسد.
أيها الشهيد
ايها الشهيد الاب بولس يعقوب الذي قطعوا رأسه في بلدة القصير كما قتلوا وذحبوا قبله الكثيرين من الرهبان والراهبات والكهنة والعلمانيين في جميع البلاد العربية، وكما حللوا لذواتهم سبي النساء وبيعهن سبايا بغاء، واخزوا الاطفال هدايا لمضاجعة الاجساد الطرية والندية، وقدسوا خطيئة الزنى فسموها بأقدس الاسماء: «جهاد النكاح» وهي من اقذر وابشع الافعال.
اعرف ان نارك يا الهي ستنزل على سادوم وعامورة عصرنا لتحرق بالنار كل هذا الدنس الذي ينفثه تنين الظلام : من قتل وذبح واغتصاب واختطاف وموت ودمار.
اعرف انك ستدمر برج بابل كبريائنا وقساوة قلوبنا ورقابنا وغرورنا بأننا في الحق، وانت وحدك الحق. ايها الحب والجمال والرحمة الابدية، افتح باب سمائك لجميع شهود الحق والحب والرحمة والحرية والكرامة والخير. اعد جميع المخطوفين والذين فقدت اخبارهم واسماؤهم مكتوبة في سفر الحياة عندك. ارسل لنا ملاك سلام يبشرنا بميلاد انسانية جديدة في هذا الليل الغامر قلوب وارض الشرق. واقبلنا قربانا لك ولحبك ولو وصلنا الى ملكوتك دون رأسنا او ايدينا وارجلنا ولا وجه لنا لتعرفنا ولا صورة لنا ولا بهاء، كما قال اشعيا النبي عندما تكلم عنك.
نحن يا رب من خرافك ونسمع صوتك ونعرفك وانت تعرفنا يا ارحم الراحمين يا رب الحق الرحمان، خذ منا هذا القربان، قربان ذبحنا وموتنا لأجل اسمك القدوس. ورأيت ملائكة السماء تنزل على الارض، تضع اكليل الشهداء على رؤوس الذين استشهدوا لاجل الرب يسوع ولأجل الحق والحرية والعدل والمساواة والحب والسلام. ورأيت الشيطان يجر القتلة والمجرمين الى الجحيم، الى النار الابدية. ورأيت الشهداء والابرار والصديقين والقديسين يرفعون اكاليلهم وهم ينشدون : مستحق انت ايها الرب يسوع ان تأخذ الكرامة والقدرة والحق والمجد والقوة.