Site icon IMLebanon

الجولان… وإهمال النظام بناء الجيش الوطني

 

– المنسق العام لـ«هيئة التنسيق الوطني» السورية

خاص بـ«الشرق الأوسط»

تؤكد التطورات الدولية منذ بداية عقد التسعينات من القرن الماضي، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في ظل انفراد أميركا بقيادة النظام الدولي، أن هذا العصر هو عصر الأقوياء وأن حقوق الشعوب العربية والإسلامية وغيرها من العالم الثاني ستبقى مهدورة لأن الحق الذي لا تحميه القوة مهدد بالضياع.

إن تغريدة الرئيس الأميركي في 25 مارس (آذار) الماضي بالموافقة على قرار إسرائيل ضم هضبة الجولان والتأييد الفوري من وزير الخارجية الأميركي مع تجاهل مطلق لجميع القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن ومنظمة الأمم المتحدة، ما كانت لتحصل إلا لأن تغريدته السابقة في الذكرى 101 لوعد بلفور، لم تواجَه إلا ببيانات إدانة من النظام السوري أو من النظام العربي.

لقد أهمل النظام الحاكم المسيطر على الدولة واجبه ومسؤوليته الوطنية في بناء الجيش الوطني، وإعداده لوجيستياً وتسليحاً لتحرير الجولان بعد احتلاله في 9 يونيو (حزيران) 1967 وانشغل بالصراع الداخلي على السلطة، بتصفية الجناح القومي اليساري من حزب البعث بتاريخ 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 1970 تحت شعار «الحركة التصحيحية» وتنكر لوعوده التي أطلقها في بيان 16 نوفمبر حول الحرية والديمقراطية والتعددية السياسية والوحدة الوطنية وبناء الحركة العربية الواحدة، واحترام حقوق الإنسان، لكسب حلفاء من الوطنيين والقوميين واليساريين ما لبث أن أحرجهم فأخرجهم من «الجبهة الوطنية التقدمية» بعد إصراره على حشر المادة 8 من دستور 1973 التي تحصر «قيادة الدولة والمجتمع» في حزب واحد ورئيس قائد.

كما دفع الجبهة إلى الخلف تحت قيادته لتتحول إلى جبهة شكلية، فأفرغها من مضمونها، وخاض حرب أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973 بجبهة داخلية مفككة، وأبرم مع إسرائيل اتفاقية فك الاشتباك في عام 1974. وحرم وجرّم أي محاولة من الشعب السوري أو من أبناء الجولان لمقاومة قوات الاحتلال، وما زال حتى اليوم مشغولاً بالصراع الداخلي والحل الأمني العسكري رغم اتفاق سوتشي بين الاتحاد الروسي وتركيا في العام الماضي الذي حصل على التأييد الدولي والإقليمي، وما زال يصر على خرق اتفاق خفض التصعيد في إدلب للسيطرة عليها من دون أن يدرك أن الشباب السوري المطلوب لخدمة العَلَم الإلزامية أو الخدمة الاحتياطية يتهرب منها باللجوء إلى الخارج وأوروبا، لكي لا يكون وقوداً في حرب عبثية بين السوريين معارضة وموالاة والجميع فيها خاسر، ولو كان الهدف تحرير الجولان لالتحقوا من تلقاء أنفسهم، مع عشرات آلاف من المتطوعين.

ومع أن الظروف مهيأة للعملية السياسية وفق بيان جنيف والقرار الدولي 2254 وثمة إجماع دولي عليها واللجنة الدستورية التي تمثل المعارضة والنظام والمجتمع المدني تم إنجازها، كما صرح بذلك المبعوث الأممي بيدرسون، غير أن الرحلة الرئاسية إلى طهران والتحالف الإيراني العراقي السوري في اجتماع رؤساء الأركان ووزير الدفاع السوري هي محاولة لتعطيل العملية السياسية التفاوضية في جنيف بموافقة الاتحاد الروسي، تشكل محاولة لوضع عقبة جديدة أمام حل نهائي للأزمة السورية وإنقاذ البلاد والعباد من خطر الإرهاب وتوفير الظروف لاجتثاثه والقضاء عليه، وإنهاء الاستبداد من جهة، وإخراج القوات العسكرية الأجنبية والإقليمية، والجماعات المتدخلة والميليشيات المسلحة التي وصلت إلى سوريا إلى جانب السلطة أو المعارضة من جهة أخرى وتهيئة الظروف لتوفير البيئة الآمنة في سوريا لتشكيل هيئة الحكم، وصياغة الدستور المؤقت والاستفتاء عليه، وتعديل القوانين وإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وإنجاز الحل السياسي في سوريا، كمدخل لحل أزمات المنطقة في ليبيا واليمن والعراق.

كما أن الوضع العربي الراهن غير مؤهل للمواجهة، بخصوص القدس والضفة الغربية والجولان، بسبب الضعف والانقسام والتفكك، فالجامعة العربية في اجتماع المجلس الوزاري، وفي اجتماع القمة، لم تتمكن من الاتفاق على خطوات وإجراءات وقرارات في مستوى خطورة التحديات التي طرحها الرئيس ترمب، ولم تتخذ قراراً بوقف التطبيع، كما لم تتخذ قراراً بسحب المبادرة العربية للسلام على أساس الانسحاب الإسرائيلي إلى حدود 1967. وحل الدولتين، وقد تجاهلها رئيس الوزراء الإسرائيلي تماماً، واستمر في السيطرة على الضفة الغربية، والعدوان على قطاع غزة، والاستمرار في هدم البيوت في القدس الشرقية، وطرد السكان، والتوسع في استيطانها، والعدوان على المسجد الأقصى، وعلى قطاع غزة، وأصدر قانون التحول إلى كيان يهودي، ويطالب بضم الضفة الغربية، لإنهاء حل الدولتين، واتخاذ الرئيس ترمب قراراً بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، والاعتراف بكونها عاصمة «الدولة اليهودية».

نستخلص من ذلك عدم الرهان على الوضع العربي الحالي والجامعة العربية في دفع الإدارة الجمهورية للتراجع عن قرارها بالنسبة للقدس، أو بالنسبة للجولان.

يبقى الأمل في صمود الشعب الفلسطيني، ونضاله المتواصل في فلسطين بما في ذلك الأراضي المحتلة عام 1948. وفي الشتات وتمسكه بحق العودة وتحرير فلسطين، ومتابعة مسيرات حق العودة والأمل في الشعب السوري الصامد في التمسك بالجولان وتحريره بجميع الوسائل المشروعة بما فيها مقاومة الاحتلال، بعد الحل السياسي والأمل في ثورات الربيع العربي، التي تجددت في السودان، وفي الجزائر، وفي ليبيا.

وعلى القوى الثورية من التيارات الوطنية والقومية واليسارية، والليبرالية، في العمل والتنسيق لبناء حركة عربية واحدة تتجاوز حدود «سايكس – بيكو» وتهدم أسوار التجزئة والتخلف للحاق بسياق العصر، وسباق الأقوياء.

– المنسق العام لـ«هيئة التنسيق الوطني» السورية

خاص بـ«الشرق الأوسط»