يكتسب الاجتماع الأخير بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين أهمية خاصة ولا سيما في ضوء تصاعد الكلام في الآونة الأخيرة عن اتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا على خطة تسوية سياسية لانهاء الحرب الأهلية في سوريا، وتخوف إسرائيلي من أن تتطرق هذه التسوية الدولية إلى موضوع احتلال إسرائيل هضبة الجولان، أو أن تشمل تعهداً دولياً لاعادة الجولان الى السيادة السورية.
ومن يتابع المواقف والتصريحات الرسمية الإسرائيلية والجدل الدائر داخل إسرائيل في هذا الشأن لا بد أن يلاحظ كيف تحاول حكومة اليمين في إسرائيل استغلال الفوضى الإقليمية والوضع المتردي في الدول العربية لتكريس واقع الاحتلال الإسرائيلي الى الأبد سواء في هضبة الجولان أو في الضفة الغربية. كما تبدو بوضوح الجهود التي يبذلها نتنياهو للفوز باعتراف دولي بسيطرة بلاده الدائمة على هضبة الجولان. وضمن هذا السياق جاءت دعوة نتنياهو الى عقد جلسة لمجلس الوزراء في هضبة الجولان، وكلامه عن بقاء الهضبة في يد إسرائيل إلى الأبد.
وسيبذل نتنياهو جهده لاقناع الرئيس بوتين بأن من مصلحة روسيا والدول العظمى عدم التطرق الى موضوع مستقبل هضبة الجولان المحتلة في أي تسوية سياسية مستقبلية في سوريا، لأن وجود إسرائيل على حدّ زعمه هو ضمانة لحفظ مصالح هذه الدول وليس مصلحة إسرائيل وحدها. وهو يحاول فرض وقائع جديدة متجاهلاً أنه هو نفسه قبل خمسة اعوام فقط تفاوض سراً مع الرئيس بشار الأسد من طريق الأميركيين على اتفاق سلام مع سوريا مقابل التنازل عن هضبة الجولان. والسبب الذي أدى الى توقف هذه المفاوضات اندلاع الاحتجاجات داخل سوريا على نظام بشار الأسد.
لكن ذاكرة نتنياهو المثقوبة تدفعه اليوم الى انكار هذا كله والى الاعلان أن الهضبة التي احتلتها إسرائيل وضمتها اليها عام 1981، وفرضت اجراء استفتاء عام على أي انسحاب مستقبلي مستقبلاً عام 1999، ستبقى تحت السيادة الإسرائيلية الى الأبد. وفي هذا الاعلان قدر كبير من الصلف والوقاحة والكذب والتلاعب بالحقائق التاريخية.
أكثر من رئيس وزراء إسرائيلي سابق مثل شمعون بيريس وإسحق رابين وإيهود باراك كان مستعداً لمقايضة الانسحاب من هضبة الجولان باتفاق سلام وتطبيع للعلاقات مع سوريا. ومن غير المسموح اليوم استغلال المأساة السورية لفرض وقائع جديدة على الأرض.
يتعين على الدول العظمى وروسيا تحديداً ان تتصدى لمطالبة نتنياهو الوقحة ومنعه من تأبيد الاحتلال الإسرائيلي لأرض عربية.