في ذروة الاستنفار على طرفي الحدود مع فلسطين المحتلة، تحسباً لرد المقاومة على اعتداء القنيطرة، أُطلقت «زخّة» من الصواريخ نحو الجولان المحتل. إسرائيل سارعت إلى اتهام حزب الله، واضعة العملية في إطار تمويه الرد على الاعتداء وجسّ النبض
ما هي أهداف إطلاق صواريخ من الأراضي السورية أمس، باتجاه الجولان المحتل؟ سؤال توقفت عنده إسرائيل واختلفت الإجابات حوله، وسط تهديد نتنياهو بأن «من يلعب النار سيتلقى النار».
بعد سقوط الصواريخ بلحظات، سارعت القناة الاولى في التلفزيون العبري إلى اتهام حزب الله بأنه يقف وراء اطلاقها. مصادر عسكرية عادت إلى تأكيد ما ذهبت إليه القناة، بعد ساعات و»جلسة لتقدير الوضع»، أشارت في ختامها الى ان الصواريخ أُطلقت من مناطق يسيطر عليها «الجيش السوري النظامي»، ومن قبل عناصر تابعين لحزب الله.
الساعات التي تلت إطلاق الصواريخ، كانت بطيئة جداً بالنسبة إلى المستوطنين في الجولان، الذين تسمروا في الملاجئ والغرف الآمنة، امتثالاً لأوامر جيش الاحتلال الذي أعلن حالة الاستنفار القصوى في صفوفه، بما يشمل سلاح الجو، وقطع الطرق والمفارق الرئيسية بين المستوطنات، وتلك المؤدية الى منطقة التزلج في جبل الشيخ.
بيان الجيش الإسرائيلي تحدث عن صلية من اربعة صواريخ، اثنان سقطا بالقرب من مستوطنة «الروم» في شمال الجولان، واثنان سقطا بالقرب من الشريط الشائك على الحدود. وبحسب المتحدث باسم جيش الاحتلال، «رد سلاح المدفعية على مصدر اطلاق الصواريخ»، ورمى باتجاهه ما يقرب من 20 قذيفة هاون من عيار 155 مليمتر، اضافة الى صواريخ تموز، المضادة للدروع.
ووصفت القناة العاشرة في تقرير لمراسلها من الجولان، الحادث بـ»البسيط جداً» قياساً بما ينتظره الإسرائيليون. وعبّر المراسل عن أمله أن لا تكون الصواريخ مجرد تمويه من قبل حزب الله وحرف أنظار عن عملية اخرى ينوي تنفيذها، واضاف: اخشى ان يكون حزب الله قد فعل ذلك لخداع اسرائيل وجرّها الى رد فعل كبير، من شأنه ان يفتح الجبهة على مصراعيها بين الجانبين. وهو ما اشار اليه ايضاً، رئيس الاستخبارات العسكرية السابق، عاموس يدلين، الذي تساءل إن كانت الصواريخ هي عملية تضليل لحرف نظر اسرائيل عن عملية الرد الاساسية.
واشارت القناة العبرية الاولى إلى أن التقدير الأولي السائد لدى المؤسسة العسكرية، يرى أن حزب الله هو الجهة التي اطلقت ــ او دفعت جهة اخرى لإطلاق ـــ الصواريخ على الجولان. ولفت مراسلها للشؤون العسكرية في تقرير بث من شمال الأرض المحتلة إلى أن «على الجميع ان يتذكر جيداً ما ورد من تهديدات على لسان (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصرالله، إذ وجه حديثه لسكان الشمال وطلب منهم ان يجهزوا ملاجئهم، وها هو اليوم يبدأ بتنفيذ تهديداته». ونقل المراسل عن محافل عسكرية قولها إن المشهد يشير إلى أن «حزب الله يحاول ان يتحدث مع اسرائيل عبر اطلاق النار ليفحص جهوزيتها وجديتها في الرد».
وفي اعقاب سقوط الصواريخ، قرر الجيش الاسرائيلي اخلاء مناطق التزلج في جبل الشيخ، مستقدماً عشرات الحافلات التي نقلت اكثر من الف متزلج من المنتجعات.
وقال مصدر امني اسرائيلي رفيع لوسائل الاعلام العبرية، انه «في حال تجدد اطلاق الصواريخ على اسرائيل، فإن الرد لن يقتصر فقط على استهداف الاماكن التي أُطلقت منها الصواريخ، بل سيكون اكثر عمقاً واكثر ايلاماً، اي ان اسرائيل ستستهدف اماكن اخرى». وأشار الى ان «من مصلحة ايران وسوريا وحزب الله فتح جبهة في الجولان ضد اسرائيل، الا اننا معنيون بإفهام الطرف الثاني أن هذه المسألة لن تحصل، وسنجبي منهم اثماناً باهظة».
واشارت القناة الاولى الى ان «الرد الاسرائيلي على الصواريخ في الجولان، يعبّر ايضاً عن معضلة، اذ انها في الوقت الذي تهدف فيه الى الهدوء وعدم تدحرج الردود ، تسعى ايضاً إلى عدم جعل هذه الجبهة شبيهة بالحدود مع غزة، اي عدم تنقيط الصواريخ بين الحين والآخر، وكما يبدو يريد الطرف الثاني ان يقول إن الجبهة في الجولان فتحت، رغم كل ما قمت به يوم الاحد الماضي.
وفي المواقف، شدد رئيس الحكومة الاسرائيلية، بنيامين نتنياهو، على ان اسرائيل تنظر بخطورة الى الهجوم من اراضي سوريا، وقال خلال حفل «يد فشام» لتكريم ضحايا المحرقة النازية امس، الى ان «من يلعب بالنار سيتلقى النار». أما وزير الامن، موشيه يعلون، ففضل ان ينسحب من مؤتمر حول الفضاء في تل ابيب، وعدم القاء كلمة له كانت مقررة مسبقا «كي لا تفهم مواقفه على انها استفزاز للطرف الآخر».
وعبّر رئيس المجلس الاقليمي لمستوطنات الجولان، ايلي ملكا، عن تشاؤمه من الوضع القائم وإمكانات التصعيد الامني، وقال في مقابلة مع القناة الثانية العبرية، ان «ما يحدث على الحدود مع سوريا مختلف جداً وغير اعتيادي، ومن شأنه ان ينهي اربعين عاماً من الهدوء على هذه الجبهة».
وعن الرد المنتظر على اعتداء الاسرائليي في القنيطرة يوم 18 كانون الثاني الجاري، اشارت القناة الثانية العبرية الى ان الامور ما زالت على حالها، ولا تغيير في تقدير الوضع، كما هو الحال منذ ايام، فـ»الجيش جاهز وعلى استعداد لمواجهة اي تصعيد، لكن المؤسسة العسكرية لا تستطيع القول اين ومتى وكيف سيأتي الرد، فليس من الواضح كيف سيتم مفاجئتنا، رغم انها تستعد لمواجهة ذلك بشكل واسع جداً، وما يمكننا قوله ان ايام غير هادئة بانتظار اسرائيل».