IMLebanon

القاعدة الذهبية  

 

أنظار اللبنانيين جميعاً شاخصة اليوم الى قصر بعبدا.

 

ولنقلها بصراحة ليس لأنهم ينتظرون اعجوبة، بل لأنهم يعتبرون الاعجوبة حاصلة بمجرد اللقاء الثلاثي الذي يجمع بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد الحريري. وهم يأملون ان تستمر هذه المعجزة مدة طويلة، لأن لا سبيل آخر الا بهذا المشهد الذي سيشهده مقر الرئاسة الاولى اليوم.

والتجربة بيّنت باليقين، وبما لا يقبل ادنى شك انه مهما صار، ومهما بلغت الازمات مداها، ومهما طلع البعض ونزل البعض الاخر، ومهما تبادل الجميع لعبة الطلوع والنزول (…) فلا بدّ من الوفاق في لبنان.

صحيح ان الازمة كانت كبيرة.

وصحيح ان البلد كان على فوّهة بركان.

وصحيح ان اللبنانيين وضعوا ايديهم على قلوبهم.

وصحيح ان لغة النزال طغت على ادبيات الوفاق.

وصحيح ان اسرائيل استغلت السانحة وادّعت ان لبنان »يعتدي« على »حقوقها« في المياه الاقليمية من خلال تلزيمه »البلوك« الرقم ٩ وهو احد البلوكات العشرة التي قسّم بموجبها الخبراء حقل النفط والغاز اللبناني.

ذلك كله صحيح.

ولكن الاصح ان اركان الدولة اكتشفوا، بالبرهان واليقين، وبالتجربة المرة (نجّانا الله من التجارب) ان ذلك كله، على خطورته، لم يكن هو الاساس، ولم يكن هو الهدف، ولم يكن هو المراد… انما كان »ساعة تخلٍّ«… ساعة لعبت فيها عوامل عدة حتى اوصلت لبنان الى ما وصل اليه من حافة الخطر، وعلى بعد خطوات قليلة من الانزلاق!

ولأنه ليس الأساس وليس الهدف، فقد تجاوب الرئيسان ميشال عون ونبيه بري مع مساعي الخير التي كان الرئيس سعد الحريري ابرز العاملين عليها… وبالفعل حدث ذلك اللقاء الشهير في قصر بعبدا الذي نزع فتيل التفجير ومهّد للقاء الثلاثي الرئاسي الذي يعقد اليوم في حضور الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري نفسه الذي لم يغادر القصر الا بعدما حصل، في حضوره، الاتصال الهاتفي المهم، الذي اجراه الرئيس عون بالرئيس بري، والذي إختتماه بالتوافق على لقاء اليوم.

ولقد تكون المناسبة سانحة كي نثمن الادوار الثلاثة التي كان منطلقها الاول والاخير المصلحة الوطنية العليا، والوحدة الوطنية، وتكريس العيش الواحد.

أولاً: موقف الرئيس العماد ميشال عون الذي تجاوب مع مبادرة الرئيس سعد الحريري واتصل بالرئيس بري مظهراً الكثير من الكِبَر والمسؤولية.

ثانياً: موقف الرئيس نبيه بري الذي بالكِبر ذاته تجاوب مع الاتصال، والذي ندّد بـ»الطابور الخامس« ومن يقف وراءه، محمّلاً اياه مسؤولية ما حدث في »ميرنا الشالوحي« وفي بلدة الحدث، حيث لا دور او توجيه او اشارة منه شخصياً او من حركة أمل التي بدورها ادانت دور هذا الطابور الخامس.

ثالثاً: موقف الرئيس سعد الحريري ومبادرته الى التأكيد على ضرورة وأد الفتنة بسبب الخلاف بين الرئاستين الاولى والثانية.

ويبقى انه سيكون مطلوباً من الرئيس ميشال عون ان يبادر بدوره، اليوم، الى رأب الصدع بين عين التينة وبيت الوسط… الذي لا يزال قائماً بين الرئيسين بري والحريري، وإن كان اقل حدّة مما كان بين عون وبري.

وتبقى العبرة المزمنة: لبنان بلد الوفاق والتوافق، والتفهم والتفاهم… وتلك ثقافة وطنية وانسانية مزمنة لا يمكن ان يعيش هذا الوطن من دونها بأمان وسلام.

وتلك هي القاعدة الذهبية.

وذلك هو الاساس الصلب.