Site icon IMLebanon

المثلث الذهبي… إعلام شفَّاف وضميرٌ طبي وقضاء عادل

يُروى أنَّ الزعيم الفرنسي التاريخي الجنرال شارل ديغول حين عاد إلى فرنسا، سأل عن أحوالها وعن أحوال مواطنيه، فجاءه الجواب أنها ليست بخير وان الفرنسيين يعانون تداعيات الحرب، سأل:

وكيف حال القضاء فيها؟

فجاءه الجواب:

إنَّه بخير، فقال كلمته الشهيرة:

إذا كان القضاء بخير فإنَّ فرنسا بخير. فاطمئنوا ولا تخشوا على فرنسا.

صحيح أنَّ ليس هناك ديغول اليوم في لبنان لكن بالتأكيد هناك قضاء، فاطمئنوا على لبنان ولا تخشوا عليه. ولو كان هناك ديغول اليوم في لبنان لكان أضاف: إذا كان الإعلام بخير فالوطن بخير، وإذا كان الطب بخير فالوطن بخير، انه المثلث الذهبي القائم على الإعلام الشفاف والضمير الطبي والقضاء العادل.

ان الخميرة القضائية موجودة، ولا يسمح المجال هنا لتعدادهم جميعهم، إنَّ بلداً فيه هذه النخبة وهذه الصفوة، لا خوف عليه.

والخميرة الإعلامية موجودة والتي لولاها لما كُشفت قضية ولما ارتدع من يجب ان يرتدعوا.

كان يُقال:

لن يضيع حقٌّ وراءه مُطالِب. اليوم يمكن أن يُقال:

لن تضيع قضية وراءها قاضٍ نزيه يخاف ربَّه ويُحكِّم ضميره غير آبهٍ بإغراء من هنا وتهديد من هناك وابتزاز من هنالك.

القضاء سيُحكِّم ضميره، وقد يطلق اليوم الدكتور عصام المعلوف، وهذا قرارٌ قضائي لا نتدخل فيه ولا يجوز للإعلام ان يتدخَّل فيه، كل ما في الأمر اننا أضأنا على قضية كان يجب ألا تبقى في العتمة.

قضاة لبنان اليوم كذلك الاعلام والطب هم مفخرة لبنان، فمهما تمادى المُحرِّضون لن ينفع صريخهم ولا انفعالاتهم في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، فأيام التهويل مرَّت وأصبحت وراءنا، وعدالة اليوم صارت عدالة المواطن لا عدالة السياسي، والحق اليوم صار حق المواطن لا حق السياسي، وحصانة اليوم صارت حصانة المواطن لا حصانة السياسي.

أليس من باب المفارقات أنَّ معظم المكوِّنات في البلد لديهم حصانات بإستثناء المواطن؟

الرؤساء لديهم حصانات، الوزراء والنواب لديهم حصانات، القضاة والمحامون لديهم حصانات، الأطباء والمهندسون لديهم حصانات، رجال الدين لديهم حصانات… ماذا عن المواطن؟

مَن يُحصِّنه؟

ومَن يعطيه الحصانة الدائمة؟

إنه الإعلام، فهو الذي يُحصِّنه وهو الذي يُعطيه الطمأنينة بأن قضاياه لن يمسَّها النسيان أو الإهمال بعد اليوم، ولن تُرمى في سلّة مهملات الإهمال.

بهذا المعنى يكون الإعلام خميرة الوطن والمواطن، الذي بإمكانه اللجوء إليه من دون مراسم ورسميات وتكلُّف وكلفة، الإعلام أبوابه مشرَّعة وصفحاته مشرَّعة وأثيره مشرَّعٌ وشاشاته مشرَّعة، ومواقعه مشرَّعة لقضايا المواطن وهي قضايا لا يتقدَّم عليها شيء.

إنَّه زمن التصحيح وزمن الصحوات، ولا عودة إلى الوراء، ولا قهر المواطن، صحيح أنَّ لبنان اليوم من دون رأس، لكن رأسه الدائم والصامد هو اعلام شفاف وضمير طبي وقضاء عادل.