IMLebanon

«الثلاثية الذهبية» مقابل تسهيل انتخاب رئيس

فشلت طاولة الحوار في التقدم ولو خطوة على طريق الاتفاق على قانون انتخابي جديد، فاكتفى أقطابها بعرض نظرتهم الى القانون العتيد،بعدما كانوا اجهضوا عشية لقاءاتهم مبادرة عين التينة بقصفها اعلاميا، رغم كسر الاجماع على اعتماد معايير قانون «فؤاد بطرس» كقاعدة لأي قانون انتخابي جديد للحلقة «الانتخابية » المفرغة، حيث بات هناك اقتناع بسهولة الاتفاق على انتخاب رئيس من إقرار قانون الإنتخابات المرتبط بإعادة إنتاج السلطة.

حوار تتلبد في سمائه المخاوف من انحراف طاولته الوطنية عن وظيفتها الاساس وتحولها الى مجلس نواب ومجلس وزراء وهيئة تأسيسية لمؤتمر وطني ما دام كل الاطراف السياسيين ممثلين فيها تقول مصادر متابعة، وان كان انجازها الوحيد حتى الساعة تهدئة النفوس لا سيما بين السنّة والشيعة، حيث لكل طرف اهتماماته، تيار «المستقبل» الذي يعاني من مشاكل داخلية تمتدّ الى السعودية، و«حزب الله» الغارق في سوريا وسط حصار غربي وعربي، اما المسيحيون فلا دور لهم رغم تحالفهم الثنائي بطريقه الطويل المحفوف بحسابات تختلف من جهة لاخرى، فيما الحزب «التقدمي الإشتراكي» انكفأ استعدادا لجولة جديدة.

وفي سياق «مناخ الحوارات» المُسيطر على الساحة الداخلية نتيجة، تراكم الازمات التي ترخي بظلالها على مُجمل القضايا المطروحة، وفشل المؤسسات الدستورية في ايجاد حل للازمات، يصرّ «تيار المستقبل» و«حزب الله» على الجلوس «وجهاً لوجه»، للمرة الثلاثين، على طاولة واحدة، تقول المصادر، لمحاولة معالجتها بدلاً من الانزلاق الى «لعنة» الشارع التي يُدركان كيف تبدأ ، دون ان يعرف احد كيف تنتهي، على امل تحريك جدول الاعمال الواقف عند نقطتي الرئاسة والتهدئة.

تحت هذه العناوين يمضي التيار الازرق في مشواره الحواري مع الاصفر، دون ان يبدل في خياراته السياسية الاساسية، بحسب ما بينت خطب الشيخ سعد الرمضانية، مصرا على البقاء الى الطاولة الثنائية، رغم الهجمات التكتيكية التي شنها ضد الحزب، ورغم الفتور الذي تقابله هذه الخطوة في الشارع السني حيث يدفع المستقبل من رصيده الشعبي، وهو ما بينته نتائج الصناديق البلدية خاصة في طرابلس بطبيعة الحال، انطلاقا من ان «التواصل» مع الطرف الآخر ولو لمجرد الصورة، يشكّل حزام أمان يمنع، ولو في الحد الادنى، انزلاق الاختلاف بين الطرفين في مقاربة معظم الملفات الاقليمية والمحلية، الى خلاف في الشارع لا تحمد عقباه.

وتشير المصادر الى ان الرئيس الحريري، رغم انه كان بامكانه أن يسلك طريقا أسهل وأربح فيرفض مشاركة «حزب الله» الحكومة نفسها كما يرفض محاورته ويرفع السقف في مهاجمة سلاحه ومشاركته في سوريا وغيرها من ممارساته، آثر الحفاظ على خطابه المعتدل وسياسة مد الجسور لقناعته بأن الحوار وحده يبني، شرط ان يلاقيه الطرف الثاني في منتصف الطريق وتقديم التنازلات التي تسهّل الحلول في القضايا العالقة وأبرزها «رئاسة الجمهورية»، على غرار ما حصل عند تبني ترشيح رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية.

وتؤكد أوساط من تيار المستقبل ان التيار لا يمكن ان يستمر في سياسة التنازلات المجانية والدفع من «كيس شعبيته» ، في ظل الحسابات النيابية ومعركة الرئاسة الثالثة،التي تفترض حشدا سنيا غير متوافر حاليا بحسب ما بينت الانتخابات البلدية والاختيارية، لذلك على حارة حريك ان تجيد قراءة الرسالة البلدية في طرابلس جيدا من منطلق سياسي، والابتعاد عن المواقف التي تصب في صالح خيارات سنية أكثر تطرفا ، سترتد عليه داخليا وسط الحصار الذي يعانيه عربيا وعالميا.

تمنيات قد تقترب من الواقع حيث تبين القراءة الموضوعية للوقائع انه مهما ازداد منسوب التصعيد الميداني وتعقد ، لا بدّ أن يبلغ سقفا معينا الى طاولة المفاوضات مجددا، بما يعبّد الطريق أمام التسوية السياسية التي يرعاها الاميركيون والروس، ما يفرض ادارة دقيقة للملفات الداخلية.

من هنا تنطلق القراءة الدولية، وبخاصة الفرنسية المتفائلة بقرب انجاز التسوية اللبنانية، من مجموعة عوامل مستجدة اقليميا، تضع طهران ومن خلفها حارة حريك أمام حتمية مقاربة جديدة للواقع السياسي اللبناني قبل فوات الاوان، من المهادنة الايرانية  المتمثلة في استبدال مسؤولين عسكريين ودبلوماسيين متشددين بشخصيات أكثر ليونة واعتدالا وقربا من العرب، والنتائج التي خلفها الحصار الاميركي – العربي الخانق والمتزايد على حزب الله ماليا بفعل قانون العقوبات الاميركي لتجفيف منابع تمويله وسياسيا حيث بات في عين دول مجلس التعاون الخليجي ومعظم دول الجامعة العربية منظمة إرهابية وجبت محاربتها، ناهيك عن الاتهامات الموجهة اليه من قوس المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، ما سيدفع بالتأكيد الى اعادة الحسابات اللبنانية.

عليه تشير مصادر دبلوماسية مطلعة ان لقاء الرئيس الفرنسي بوزير الخارجية الايرانية، لم يأت الا بعد تحقيق تقدم «واعد» في الاتصالات حول لبنان، تقوم على ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة» في اطار اتفاق مع رئيس الجمهورية العتيد، مقابل تسهيل حزب الله الانتخابات الرئاسية، على أن تشمل الصفقة الاتفاق على قانون انتخابي جديد تتم وفقه الانتخابات النيابية بعد انجاز الاستحقاق الرئاسي.

هذا هو «الستاتيكو» القائم في لبنان. لا تغيير إلا إذا تغيّرت خريطة المنطقة، الأمر غير المتوقع حالياً، وبالتالي الحديث عن دوحة لبنانية أمر ممكن لكنه مسار طويل، بدأت ملامحه تطل من باريس.