الشّلل بعد العزل، والحقيقة يجب أن تُقال لبنان يدفع ثمن السياسة العربية الخاطئة منذ العام 2009، فالسّبب الرئيسي للأزمة الديبلوماسيّة الكبرى التي يعيشها لبنان هو التفريط العربي بالساحة اللبنانية، ما رمى به إلى الفراغ فقبضت عليه إيران ولن تفلته، كان من الأفضل بكثير لو قامت المملكة بقطع علاقاتها بلبنان متحيّنة لحظة أقوى بكثير من هذا “القرداحي اللي ما بيحرز”، كان الوقت أكثر مناسبة عندما كشف الأمن السعودي فضيحة تصدير الكبتاغون من أراضينا إلى أراضيه!
دخل لبنان مرحلة جديدة من الانقسام الشديد بعد تسابق دول الخليج العربي إلى طرد سفرائه، قسم أعلن مرحلة “شدّ الأحزمة” مهلّلاً لأكذوبة اسمها الكرامة، وكأن اللبنانيّين ليسوا في حالة شدّ هذه الأحزمة منذ العام 2019، وأكثر من نصف هذا الشّعب أصبح تحت خطّ الفقر بكثير، وقسم يرفع الصوت منبّهاً من حجم الكارثة المخيفة المقبلة على لبنان، ووسط هذيْن القسميْن السؤال الحقيقي الذي علينا طرحه: متى ندخل مرحلة قسمة لبنان حتى يرفع الضغط عن هذا الشعب المسكين الذي بلغ مرحلة القبول بأيّ حلّ! وفوق ذلك يُشاهد اللبناني بمرارة فشل الحكومة المشلولة العاجزة عن الاجتماع لأنّ حزب الله يمنعها مهدّداً بالاستقالة، والمشلولة عن اتّخاذ موقف من الوزير ـ الكارثة فيقيله رئيس الحكومة العاجز، ثمّ فرض منع استقالة الوزير والتهديد باستقالة وزراء الثنائي الشيعي، دولة رئيسها سلّم الأمر لصهره، ورئيس حكومتها متمسّك بالكرسي كأنّه لم يكن يصدّق أنّه سيعود إلى السّراي ولو على أفواه الجائعين!
والحلّ، ماذا عن الحلّ؟ الحلّ ليس في يدِ لبنان، المشكلة هي حزب الله وسيطرته على لبنان ومؤسساته ورئاساته، ولبنان غير قادر على مواجهة هذا الحزب. أساساً مواجهة حزب الله مسؤوليّة تقع على عاتق مجلس الأمن الدوليّ، ودول العالم المعنيّة تتصرّف بتجاهل، وهي غضّت الطرف عن سابق تصميم لأنّها في غنىً عن استدراج إرهاب إيران وحزبها وتفجيراتها إلى أراضي هذه الدول، لذا تركت الأمور تصل إلى حيث وصلت إليه! الحلّ ليس في يدِ لبنان فلمَ تحمّلنا دول الخليج العربي فوق طاقتنا؟!
هل المطلوب أن يدفع لبنان عزلاً وحصاراً ثمن خطأ التغاضي عن نموّ حزب الله آخر في صعدة يُعدّ العدّة منذ العام 1990 إلى أن فاجأ الحوثيّون العالم بالانقلاب! حتى تضخّم حزب الله في لبنان إلى هذا الحدّ سببه غضّ نظر الدول العربية عنه وتركه لسوريا ترعاه فكان يتنقّل عبرها إلى إيران ليحارب على الحدود العراقيّة ـ الإيرانيّة، ألم يسلّموا لبنان نفسه للاحتلال السوري وغضّوا النّظر عنه طوال عقود قبل الطائف وبعد الطائف، واليوم يدفعوننا ثمن هذه السياسات التي أوصلت الجميع إلى هذا الحائط المسدود!
أخوف ما نخاف أن يكون عزل وحصار لبنان جزءاً من تعثّر التّفاوض بين المملكة وإيران، أخوف ما نخاف أن يدفع لبنان بسبب حزب الله ثمن عدم التوصّل إلى وقف إطلاق النّار في اليمن!