Site icon IMLebanon

ولّى زمن إطلالات.. الانتصارات

اليوم موعد إطلالة الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله على الاعلام للتحدث عن «انتصارات» حرب تموز 2006 والتي امتدت حتّى منتصف شهر آب تقريباً. وهي حرب انتهت بمقتل مئات اللبنانيين وجرح أكثر من الف مواطن وتدمير معظم البُنى التحتية وآلاف المنازل. إلا أن قادة الحزب، يُصرّون على أنها كانت معركة «انتصار« بالنسبة اليهم، بالرغم من النتائج السلبية التي ما زال يُعانيها جميع اللبنانيين، بمختلف مذاهبهم وطوائفهم.

الحماسة التي يُبديها جمهور «حزب الله» تجاه إطلالة نصرالله، هي حماسة لا تتعدى بضع ساعات، إذ سُرعان ما يتلمّس هؤلاء، الخلاصات التي أفضت اليها خطاباته السابقة. فالوعود بـ»النصر» لن تتغيّر لا خطابيّاً ولا ميدانيّاً، ولن ينسى نصرالله تحميل المملكة العربية السعودية، مسؤولية ما يجري في العراق واليمن وسوريا، واتهامها بـ»تعطيل انتخاب رئيس جمهورية في لبنان». ولن يُقصّر في الدفاع عن الحلف الذي هو جزء منه، في ظل الخسائر والانتكاسات التي يتعرض لها في حلب، وهو قد أعد خريطة مُصغّرة ليُفصّل على مقاسها من خلال شرحه، واقع ما يجري في حلب وريفها.

يشعر «حزب الله» اليوم وعلى رأسه نصرالله، مدى حاجته إلى شد عصب جمهوره، بالفعل أكثر من الكلمة، ويتمنى لو أنه يستطيع أن يتفاعل مع جمهوره وجها لوجه خلال المهرجان الخطابي اليوم بعد غياب طويل عنه، لدرجة أن البعض أصبح يُطلق عليه لقب «سيّد الشاشة». ومن يستعيد شريط إطلالات نصرالله الاخيرة، سوف يتأكد له غياب جزء ولو صغير، من التفاعل بينه وبين هذا الجمهور في أكثر من مكان لأسباب كثيرة منها: سقوط عناصر من الحزب بكثرة خلال العامين الأخيرين في سوريا، وهذا ما أدّى بكل تأكيد إلى اهتزاز ثقة الجمهور، بقوّة أو قدرة حزبه على الانتصار أو تحقيق نتائج ملموسة في المعارك التي يخوضها في مناطق سوريّة متعددة، يرى هذا الجمهور أن «الانتصار« في «القصير»، كان الأول والأخير للحزب في هذه الحرب.

الشاشة هي كما حرّاس نصرالله بالنسبة إلى الجمهور، فهي تمنعهم من التواصل والتفاعل معه أو حتّى التعبير ولو من خلال نظراتهم، عن عدم رضاهم بالنسبة إلى ما يحدث في سوريا. جزء كبير من جمهور «حزب الله»، يطمح إلى جلسة مصارحة واسعة مع قادة الحزب، و»ليتها تكون مع نصرالله شخصيّاً». هذا أقله ما يتمناه بعض اهالي العناصر الذين يخدمون في سوريا. وهناك قسم، لم يلمس حتّى الساعة، سبب تواجد عناصر الحزب في العمق السوري مثل «حلب» و»إدلب» و»حماه» وغيرها الكثير من المناطق البعيدة مسافة و»عقيدة»، عن «المراقد الدينية» و»الواجب الجهادي». وهنا يؤكد بعض سُكّان الضاحية الجنوبية، أن كل هذه المطالب أو التساؤلات، أصبحت في ملعب الحزب الذي تلمّس بدوره، حقيقة تذمّر الأهالي من الوضع الراهن، واعتراضهم على الحرب، ولذلك قلّل إلى حد كبير من التعويل على التبرعات المادية داخل بيئته عن طريق «هيئة دعم المقاومة»، خصوصاً وانه اليوم، أحوج من اي وقت إلى هذه التبرعات، بعد الحصار المالي المفروض عليه.

أمس، انتشرت في الضاحية جملة أخبار تتعلق بالوضع في حلب وبـ»يومين حاسمين». من بين هذه الأخبار المُفتعلة، ثمة خبر تحدث عن نيّة قائد «فيلق القدس« الجنرال قاسم سليماني، التوجه إلى «حلب» لإدارة دفّة المعركة هناك. هذا الخبر أو التسريبة، أراد مُطلقوها منها، رفع معنويات جمهور الحزب قبل يوم من إطلالة نصرالله الذي وبحسب إعلام «المُمانعة»، سوف يفرد مساحة واسعة في خطابه اليوم، للحديث عن علاقة «حزب الله» بجمهوره وبدور الأهالي الإيجابي بالنسبة إلى الحرب التي يخوضها في سوريا. لكن الحقيقة هي أنه مهما كثرت الخطابات والمهرجانات، واحتدت الحناجر، فإن المشهد داخل «حزب الله« غداً، لن يختلف عما هو عليه اليوم، فهو لن يجد لنفسه ولو نافذة صغيرة ليعود منها إلى ما يُفترض أنها حالة طبيعية أو أن يُعيد من الخارج، خيرة شباب سار بهم إلى حتفهم طوعاً أو ترهيباً أو ترغيباً.

اليوم كما من قبل، سيتحكّم نصرالله بـ»لعبة» الخطاب عبر الشاشة وبإدارة «المعركة» الإعلامية. سيمر على الداخل ويُخوّنه تماماً كما سيتعامل مع السعودية وتركيا وبعض «العرب». سيفرد طبعاً مساحة ضيّقة لإسرائيل التي تنعم بسلام وأمن غير مسبوقين. سيعد بالنصر مجدداً، وقد يأتي او لا يأتي على ذكر عدد قتلى الحزب والأسرى على غرار ما فعل في المرّة السابقة، رغم أن إعلانه ابتعد عن الحقيقة ربما لأسباب هو أدرى بها. لكن بعد أن يُنتهي من خطابه بتوزيع سلامه على الجمهور يمنة ويسرى، وبعد ان يؤمن وصوله إلى حيث الوجهة التي تُحددها فرقة الحماية الخاصة به، ثمة سؤال من طفل صغير ربما، وبالتأكيد لن يسمعه: متى سيعود والدي من الحرب؟.